أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بالتزامن مع الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تركيا، لبحث ملفات عدة مع المسؤولين الأتراك بشأن “إخراج ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية وتصديرها إلى الأسواق العالمية” عبر المضائق التركية، و ما تتحدث عنه أنقرة حول “شن عملية عسكرية جديدة في الأراضي السورية بهدف إنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كيلومتراً وعلى طول الحدود”، يتخوف سكان الشمال السوري من امكانية حدوث مقايضة جديدة بين أنقرة وموسكو على حساب أراضيهم، حيث أن السنوات السابقة من عمر الأزمة السورية سبق وأن جرت مثل هذه المقايضات.
لافروف في تركيا.. فهل ستكون هناك مقايضة جديدة ؟
ويجري وزير الخارجية الروسي على رأس وفد عسكري رفيع المستوى زيارة رسمية لتركيا بهدف مناقشة قضايا ثنائية، وأعلن المسؤولون الأتراك أن العملية العسكرية المحتملة في شمال سوريا ستكون في المحادثات بين الطرفين، حيث ترغب أنقرة بالحصول على موافقة روسية لاجتياح مناطق سورية جديدة، وقد تكون مناطق تحت النفوذ الروسي، حيث سبق وأن أعلن الرئيس التركي أن هدف عمليتهم العسكرية هي بلدة “تل رفعت” و مدينة “منبج” بريف حلب.
تل رفعت ومنبج مقابل جبل الزاوية.. والموقف الإيراني
وخلال العملية العسكرية التركية في منطقة عفرين عام 2018، نزحت الآلاف من العوائل من السكان من عفرين إلى بلدة تل رفعت ومدينة منبج، وبحسب ما تقوله “الإدارة الذاتية” فإن أكثر من 350 ألف مهجر يعيش في المدينتين، حيث يخشى المهجرون وأهالي المنطقتين من رحلة هجرة جديدة في حال اجتياح تركي.
صحيفة “أوراسيا دايلي” الروسية، رأت خلال تقرير لها، أن تركيا قد تتنازل عن منطقة “جبل الزاوية” في جنوب إدلب، وتسليمها لقوات الحكومة السورية وروسيا مقابل سماح موسكو لها باجتياح تل رفعت ومنبج، حيث ستنجح تركيا بذلك من ربط المناطق الممتدة بين إدلب وصولاً لرأس العين “سري كانيه” في ريف الحسكة، ومقابل ذلك يمكن لتركيا التنازل عن جزء من منطقة “خفض التصعيد”.
تقرير آخر لصحيفة “نيزافيسيما غازيتا” الروسية، لفت إلى أن أنقرة لن تكون بحاجة لموافقة روسية فقط لاجتياح على الأقل بلدة تل رفعت، حيث اعتبرت خلال تقرير لها تحت عنوان “عملية أردوغان الخاصة في سوريا تغضب إيران”، أن أي عملية عسكرية تركية جديدة في شمال سوريا سيكون لها تأثير على المصالح الإيرانية، و“ستكون بمثابة اختبار للعلاقات بين طهران وأنقرة”.
ولفتت الصحيفة إلى أن المسؤولين الأتراك يدركون مدى الغضب الإيراني ويعترفون بذلك بشكل غير علني، ويعتقدون أن انتقال بعض البلدات والمناطق لسيطرة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها من القوات الإيرانية، سيلقي بظلاله على منطقة “نفوذ التشكيلات الشيعية” في تل رفعت ويؤكدون أن ذلك لن يعجب إيران.
واعتبرت الصحيفة الروسية أن “الشق الطائفي” بين إيران وتركيا في الصراع السوري كشف حدود التعاون والخلاف أيضاً بين الدولتين.
لماذا ترغب تركيا بالسيطرة على تل رفعت ومنبج ؟
وتقول تركيا أن هدف عمليتها العسكرية في منطقتي تل رفعت ومنبج هو “كون تلك المنطقتين تخضعان لسيطرة القوات الكردية (قوات تحرير عفرين) ولوقف هجماتها ضد المناطق التي تقع تحت سيطرتها”.
بينما على الأرض وفي حقيقة الأمر فإن تلك المنقطتان تقعان تحت سيطرة قوات الحكومة السورية وروسيا منذ عام 2018، كما للقوات الإيرانية والمجموعات المسلحة الموالية لها تواجد أيضاً، وسيطرة القوات التركية على تل رفعت يعني تهديد أمن بلدتي النبل والزهراء المحاذيتين.
تجييش إعلامي .. وتعزيزات عسكرية غير مسبوقة
على الأرض ورغم كل التجييش الإعلامي لهذه العملية العسكرية المحتملة، إلا أنه لم يلاحظ حتى ساعة إعداد هذا التقرير “التعبئة العسكرية” للقوات التركية بالقرب من الحدود أو مناطق التماس في سوريا، إضافة لذلك يعتبر محللون سياسيون أن التعزيزات العسكرية غير المسبوقة من ناحية نوعية العتاد العسكري للقوات الحكومية والروسية التي وصلت للمناطق المهددة كمنبج وتل رفعت وعين عيسى، تشير إلى عدم رغبة موسكو بتغيير خطوط التماس المرسومة منذ 3 سنوات.
فهل ستقبل روسيا بمقايضة جديدة مع تركيا، كما المرات السابقة، وتفتح المجال أمام أنقرة لشن عمليتها العسكرية في شمال سوريا مقابل تنازلات في منطقة “خفض التصعيد”، أم أن الاعتراض الروسي سيبقى قائماً، واستمرار التأكيد أن الأمور يجب أن تحل عبر الحوار، ويجب على تركيا الامتناع عن تدهور الأوضاع في سوريا؛ كما أشار آخر بيان لوزارة الخارجية الروسية.
إعداد: ربى نجار