يواصل زعيم هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، أبو محمد الجولاني، الترويج لنفسه على أنه رجل معتدل وقريب من الجمهور من خلال سلسلة من الجهود الدعائية. وفي 9 حزيران الجاري، دشن مشروع بئر لتزويد عدة قرى في منطقة جبل السماق بريف إدلب الشمالي، ذات الأغلبية الدرزية، بالمياه.
كما شدد الجولاني على أن زيارته لم تتضمن أي رسائل سياسية وانصب تركيزها بالكامل على تقديم الخدمات لعدة مناطق في شمال غرب سوريا.
خلال زيارته برأ الجولاني نفسه وجماعته من أي مسؤولية عن اعتداءات ومضايقات سابقة تعرض لها سكان المنطقة، في إشارة إلى المجزرة التي وقعت على يد عناصر جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام سابقاً) في قرية قلب لوز في جبل السماق في 10 حزيران 2015، وقتل فيها 20 درزيًا.
قال ناشط إعلامي مقيم في إدلب لـ “المونيتور”، شريطة عدم الكشف عن هويته، “زيارة الجولاني إلى جبل السماق هي حيلة سيئة السمعة تهدف إلى جعله يبدو ذا شعبية كبيرة بين السكان في المناطق الواقعة تحت سيطرته. لكن الحمقى فقط هم من يصدقون ذلك. يعلم الجميع أن زياراته الفارغة، التي تشبه الظهور العلني لـ [الرئيس السوري] بشار الأسد، لا يمكنها التستر على الظروف الاقتصادية والأمنية المتردية السائدة في هذه المناطق”.
ظهر الجولاني في العديد من المناسبات العامة في السنوات القليلة الماضية للترويج لسمعته كقائد معتدل ولتعزيز شعبية هيئة تحرير الشام مع ارتفاع الأسعار وتدهور الظروف المعيشية.
في أيار، انتشرت مقاطع فيديو للجولاني وهو يتجول في السوق في مدينة إدلب في عيد الفطر محاطًا بمئات من قوات الأمن المدججين بالسلاح، بعضهم يرتدي ملابس مدنية، وسط حشد كبير من المدنيين.
في آذار، نشرت وكالة أمجد صور لقاء بين الجولاني وعدد من الشخصيات والوجهاء في شمال سوريا. وزعمت الوكالة أن الزيارة جاءت بدعوة من سكان منطقة جبل الزاوية.
وشوهد الجولاني علنا أيضا في 31 كانون الثاني، عندما رافق وزراء ومسؤولين من حكومة الإنقاذ السورية التابعة لهيئة تحرير الشام إلى مخيم دير حسن للنازحين. وذكرت وكالة أمجد أن الزيارة تأتي في إطار حملة لدعم النازحين خلال أشهر الشتاء.
في 7 كانون الثاني، حضر الجولاني افتتاح طريق حلب – باب الهوى إلى جانب رئيس وزراء حكومة الإنقاذ السورية علي كده. الطريق، وهو أول مشروع كبير ينفذ في مناطق خارج سيطرة النظام السوري، كلف نحو مليوني دولار، ويبلغ طوله نحو ثلاثة كيلومترات.
في تشرين الثاني2021، التقى الجولاني بممثلين عن وزارة الاقتصاد التابعة لحكومة الإنقاذ، برعاية مجلس شورى هيئة تحرير الشام، لمناقشة الوضع الاقتصادي في شمال سوريا وأزمة الخبز.
في آب 2020، ظهر الجولاني في مطعم في مدينة إدلب. ونشر نشطاء محسوبون على هيئة تحرير الشام مقاطع فيديو وصور للجولاني وهو يتحدث إلى المدنيين ويساعد في تحضير وجبات الطعام. وزار الجولاني، في أيار 2020، مخيما في شمال سوريا، واستقبل النازحين.
قال وائل علوان، الباحث في مركز جسور للدراسات والتنمية المقيم في تركيا، لـ “المونيتور”: “من خلال هذه المشاريع، يسعى الجولاني للترويج لصورته على أنه قريب من المدنيين وسكان المخيمات. هذه المرة، يريد أن يُنظر إليه على أنه قريب من الطائفة الدرزية في ريف إدلب ليُظهر حرصه على حماية مختلف الطوائف في المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، تمامًا كما يروج لصورته كشخص يحمي المسيحيين. ينوي الجولاني أن يوجه إلى الدول الغربية المهتمة بالملف السوري رسالة مفادها أنه زعيم معتدل قريب من جميع المكونات الاجتماعية وله شعبية واسعة في المنطقة”.
في كانون الثاني ، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن هيئة تحرير الشام تسعى لأن يتم الاعتراف بها كحركة إسلامية معتدلة وتعمل لكسب دعم السكان المحليين والاعتراف بها من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة سياسية. كما تسعى هيئة تحرير الشام إلى أن تُظهر للعالم أنها نجحت في إقامة دولة في مناطق سيطرتها في شمال سوريا، وقادرة على إدارة الخدمات العامة فضلاً عن الشؤون الاقتصادية والتعليمية.
قال فاضل عبد الغني، رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لـ “المونيتور”: “تواصل هيئة تحرير الشام مضايقة الأقليات الدينية ومنعهم من ممارسة شعائرهم بحرية. هذه المعتقدات الدينية غير ممثلة في الهيئات الرسمية التي تحكم المنطقة، لأن هيئة تحرير الشام تسيطر فقط على الحكومة”.
وختم بالقول: “لا يمكن لهذه الزيارات أن تمحو الاتهامات بأن هيئة تحرير الشام جماعة [إرهابية]”.
المصدر: موقع المونيتور الأمريكي
ترجمة: أوغاريت بوست