تحاول فصائل المعارضة المدعومة من تركيا تصوير صراعاتها على أنها قبلية في محاولة لتبرئة نفسها من الانتهاكات المرتكبة في المنطقة.
اندلعت اشتباكات مسلحة بالرشاشات الثقيلة وقذائف آر بي جي في 24 أيار في نطاق الاقتتال الداخلي المتجدد بين أعضاء الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. يعود الخلاف إلى قضية ثأر قبلية في المنطقة بلغت ذروتها في اشتباكات مسلحة اتسعت في معظم أحياء رأس العين في ريف الحسكة.
واستمرت المواجهة المسلحة حتى ظهر يوم 25 أيار الجاري، وقتل فيها رجل يدعى محمد العواد الدار من قبيلة العكيدات. حيث أطلق النار على الأخير شخص يدعى خالد العبد الله، من قبيلة الموالي، تحت مظلة حركة “ثائرون” التابعة للجيش الوطني في رأس العين. وبحسب ما ورد كان عبد الله ينتقم لأخيه الذي قُتل قبل 10 أيام على يد شخص ينتسب إلى عشيرة القرّاب أحد فروع قبيلة العكيدات.
كما أدت الاشتباكات إلى مقتل عنصرين من قبيلة الموالي واعتقالات متبادلة بين الجانبين. وسيطر مسلحو العكيدات على مقرات مقاتلي قبيلة الموالي في المدينة. واصيب اكثر من تسعة مسلحين من الجانبين واصيب اثنان من المدنيين.
وامتد التوتر بين القبيلتين إلى ما وراء منطقة رأس العين إلى ريف حلب حيث نصب مسلحون من قبيلة الموالي حواجز على طريق عفرين – جنديرس. ودققوا في بطاقات الهوية واعتقلوا عددا من أهالي دير الزور من قبيلة العكيدات، ووثقوا ذلك في مقطع فيديو.
في السياق، تحدث عضو في اتحاد شباب الحسكة لـ “المونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويته وقال: “تشكلت مجموعات الجيش الوطني على أسس مناطقية وقبلية. تم تجميع كل قبيلة في فصيل واحد يحمل اسمه. ولهذا تداعيات كبيرة على المنطقة والقبيلة نفسها، وهو من أهم الأسباب التي أدت إلى استمرار الاشتباكات المسلحة بين الفصائل، مثل المواجهة الأخيرة في رأس العين. تحولت الخلافات الأخيرة بين الفصائل إلى نزاعات قبلية، حيث سخر كل فصيل كل أسلحته لضمان انتصار قبيلته”.
وعزا سبب تكرار هذه الحوادث إلى تسوية الخلافات من خلال المصالحة بين وجهاء العشائر دون معالجة جوهر المشكلة ومحاسبة الجاني. وقال إن “الأسلحة تزداد في المنطقة، مما يسهل على أي مشاجرات لفظية أن تتحول إلى اشتباكات مسلحة”.
وتابع: “عندما يوافق شيوخ القبائل على إنهاء النزاع، فإن هذا لا يعني بالضرورة إزالة التوتر بين أفراد القبيلة. أدى هذا إلى تصعيد جديد وسقوط قتلى بين الجانبين. تتكشف الخلافات وسط عجز القضاء والمؤسسات الرسمية، التي شابها الفساد والمحسوبية، وسيتم الإفراج عن الجاني دون محاكمته من خلال وساطة زعيم قبلي أو شخصية مرموقة”.
وعقب الحادث أصدرت قيادة حركة ثائرون في منطقة عملية نبع السلام قرارا موقعا من الرائد محمد نورة يقضي بشطب خالد العبد الله من رواتب الحركة لعدم التزامه بقرارات لجنة الوفاق الوطني. وأمر القرار بتسليمه إلى الشرطة العسكرية في رأس العين.
في غضون ذلك كشف المكتب الاعلامي لرأس العين وريفها عن عقد ندوة لبحث الوضع الداخلي بحضور رئيس المجلس المحلي في المدينة قائد الشرطة وعدد من قيادات حركة ثائرون وشيوخ العشائر والشخصيات الإعلامية.
كما تدخلت القوات التركية لحل النزاع بين المسلحين من القبائل، حيث تم استخدام الرشاشات الثقيلة في حادث متكرر يعكس تهور السلطات العسكرية وتعريض حياة المدنيين للخطر.
وأوضح عضو مجلس قيادة حركة ثائرون مصطفى سجري لـ “المونيتور” أن “المكونات القبلية مؤثرة للغاية في المنطقة، لكن هدفنا هو تمكين المؤسسات الرسمية واللجوء إليها وليس الالتفاف عليها. استطعنا الآن تجاوز الخلاف الحالي بعد تدخل عدد من الشخصيات المؤثرة في المنطقة. ونتوقع تقرير الوفد الذي توجه إلى رأس العين وبعد ذلك سنصدر عددا من القرارات ونتخذ خطوات ملموسة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تنال من أمن المنطقة واستقرارها”.
وقال مضر حماد الأسعد المتحدث باسم مجلس العشائر والعشائر السورية لـ “المونيتور”: “تستغل فصائل الجيش الوطني الخلافات بين أفرادها لتحويلها إلى خلافات قبلية تغرق المنطقة بالكامل في الفوضى وإراقة الدماء. تلجأ الفصائل إلى هذا التكتيك لتبرئة نفسها من الخلافات وتبرئة أعضائها من ارتكاب الانتهاكات من خلال تحويل هذه الخلافات على أنها خلافات قبلية”.
وتجدر الإشارة إلى أن تجدد الاشتباكات أثار غضب نشطاء وشخصيات بارزة في حركة ثائرون. لجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بوقف السلوكيات التي كانت تثير الاشتباكات المسلحة المتكررة بين مكونات الجيش الوطني.
وتشهد مناطق سيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا حالة من الفوضى وسط انتهاكات متواصلة من قبل بعض الجماعات المسلحة التابعة لهذه الفصائل مثل القتل والسرقة والخطف والفساد والمواجهات المسلحة شبه المستمرة.
المصدر: موقع المونيتور
ترجمة: أوغاريت بوست