بعد 11 عامًا من الحرب، أصبحت سوريا مثالًا تحذيريًا للصراع الذي لازال ليس لديه نهاية في الأفق، مثل النزاع الذي بدأ قبل 100 يوم في أوكرانيا.
قد يكون مخبز عائلة علاء الدين ضحية للحرب الأهلية في سوريا. بدلاً من ذلك، أصبح رمزًا لما يصفه المسؤولون الأمريكيون على أنه صمود اللاجئين الذين يحاولون النجاة من صراع يخشى كثيرون أنه قد تم نسيانه.
قرر الإخوة الثلاثة أحمد وإياد وبسام علاء الدين نقل الشركة في 2013 هربًا من العنف الذي مزق مسقط رأسهم إدلب منذ ذلك الحين. انتقلوا مع زوجاتهم وأطفالهم عبر الحدود وفتحوا مخبزًا جديدًا لامعًا في مدينة هاتاي جنوب تركيا، في حي يعج بالسوريين وأصبح يشبه الى حد كبير مدينة دمشق قبل الحرب. موظفوهم البالغ عددهم 25 هم أيضًا لاجئون سوريون.
قالت ليندا توماس غرينفيلد، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، “ما يظهره هذا لي وللعالم هو أن اللاجئين يمكن أن يساهموا في البلدان التي هاجروا اليها”.
وقالت بينما كان هؤلاء الأخوة يقفون في الجوار: “الرسالة التي سمعوها مني هي أننا لم ننس سوريا”.
كلمات السفيرة كانت موجهة أيضا الى الدول التركية، التي تريد إعادة العديد من 3.7 مليون لاجئ سوري في البلاد عبر الحدود.
في ظل اقتصاد متوتر بالفعل، ألقى العديد من الأتراك باللوم على اللاجئين لقبولهم رواتب أقل حتى يتم توظيفهم في عدد محدود من الوظائف المتاحة في البلاد. لطالما اتهم السياسيون المتشددون الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، باتباع سياسة الباب المفتوح التي يقولون إنها تسمح بـ “غزو” السوريين والأفغان وغيرهم ممن يفرون من الصراعات.
وقد وعد أردوغان بإعادة بعض اللاجئين على الأقل، وهدد هذا الأسبوع بشن هجوم عسكري جديد في سوريا ضد المقاتلين الأكراد، جزئيًا لتهيئة ممر آمن لعودة اللاجئين.
انتقدت الولايات المتحدة الهجوم التركي المخطط له، والذي يستهدف المقاتلين الأكراد في شمال سوريا في صراع يسبق الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2011، الأمر الذي يمكن أن يجبر المزيد من السوريين على الفرار.
لقد توقفت محادثات السلام التي رعتها الولايات المتحدة وروسيا منذ سنوات، مما أدى إلى عقد من الدمار البشري وخيبات الأمل الدبلوماسية.
بعد 11 عامًا من الحرب والدمار البشري وخيبات الأمل الدبلوماسية، أصبحت سوريا مثالًا تحذيريًا لما يمكن أن يحدث في الصراع الأوكراني بعد 100 يوم من الحرب، وعدم وجود أي حل يلوح في الأفق.
وقال عمار السلمو، عضو الخوذ البيضاء، وهي منظمة إنقاذ تعمل في المناطق التي يسيطر عليها المعارضون ومعظمها في شمال غرب البلاد، إن التواصل العالمي بشأن سوريا أصبح “غائبا”.
وأضاف السلمو: “لا يوجد تحرك بشأن سوريا، وأنا آسف جدًا أن أقول إن هذه الحرب انتقلت إلى أوكرانيا – نفس تكتيك الحرب، يحدث الآن في أوكرانيا، نفس المعاناة”. وتابع: “ما حدث في سوريا هو بروفة لما حدث في أوكرانيا لاحقًا”.
وتوقفت المحادثات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وروسيا تقريبا منذ غزت موسكو أوكرانيا في شباط، لكن سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، قالت إنها ستحاول إعادة فتح المناقشات مع الدبلوماسيين الروس في الأمم المتحدة للحفاظ على تدفق المساعدات لسوريا، ولضمان ألا تستخدمها موسكو كورقة مساومة مع الدول الأخرى لكسب النفوذ في أوكرانيا.
وينتهي السماح باستخدام نقطة العبور هذه الساري منذ 2014 في 10 تموز وسيتطلب تصويتا في مجلس الأمن في مطلع تموز، تهدد موسكو بعرقلته عبر استخدام حق النقض (الفيتو).
وقالت توماس-غرينفيلد من مركز لوجستي للأمم المتحدة قرب ريحانلي (جنوب) على بعد ثلاثة كيلومترات من الحدود التركية-السورية “علينا ان نمدد العمل بنقطة العبور هذه، يجب أن نواصل تسليم هذه المساعدة”.
من هذا المكان عبرت السنة الماضية حوالي عشرة آلاف شاحنة محملة بالمساعدة الانسانية موجهة الى منطقة إدلب، آخر معقل للجهاديين والمقاتلين المسلحين في سوريا يحث يقيم حوالي ثلاثة ملايين شخص في ظروف صعبة.
ويرى المراقبون أن موسكو تحاول جعل الحفاظ على هذا المعبر الانساني ورقة مساومة في إطار الحرب في أوكرانيا.
وقالت السفيرة الأميركية “نعلم أن الوضع رهيب هناك وأن الناس يعانون” مؤكدة أنه إذا لم يتم تجديد العمل بنقطة العبور هذه فان ذلك سيؤثر على “ملايين السوريين”.
وأضافت في ختام زيارة استغرقت 24 ساعة لتركيا “سيؤدي ذلك إلى تفاقم المعاناة وزيادة عدد النازحين وربما عدد الأشخاص الذين قد يحاولون عبور الحدود مع تركيا”.
وقال مارك كاتس، منسق الأمم المتحدة للإغاثة في سوريا، إن عملية المساعدات الإنسانية كانت الأكبر في العالم، حيث تم تسليم أكثر من 56 ألف شاحنة من الإمدادات منذ عام 2014، استفاد منها نحو ما يصل أربعة ملايين شخص في سوريا – بما في ذلك ما يقدر بنحو 1.7 مليون يعيشون في الخيام.
وأضاف كاتس: “لا ينبغي لأحد أن يعيش في الخيام لأكثر من عقد من الزمان. ونحن بالفعل لا نقدم المساعدة المطلوبة”.
وكانت روسيا أعلنت في 20 ايار بلسان نائب سفيرها لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، أنها لا ترى “سببا لمواصلة هذه الآلية عبر الحدود” التي “تنتهك سيادة سوريا ووحدة أراضيها”.
يعتمد أكثر من ثمانين بالمئة من سكان شمال غرب سوريا على هذه الآلية بحسب الأمم المتحدة.
المصدر: صحيفة نيويروك تايمز الأمريكية
ترجمة: أوغاريت بوست