أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لم تنهي هجرة السوريين إلى دول الجوار أو ما يسمى بـ “دول الشتات” معاناتهم، التي اعتقدوا أنها ستنتهي بمجرد الخروج من المناطق الساخنة في سوريا، وذلك بحثاً عن حياة آمنة وكريمة لهم ولأسرهم، حيث أن المعاناة لاحقت السوريين حتى في “دول الشتات”، وخاصة في تركيا التي تسعى الآن إلى إعادة السورين إلى بلادهم.
ترحيل 6400 ألف سوري من اسطنبول
في الوقت الذي تشكك فيه منظمات دولية، بعدد اللاجئين السوريين في تركيا حسب الرواية الرسمية، وتقول ان العدد الذي تتحدث عنه انقرة (4 ملايين لاجئ) مبالغ فيه، أعلنت أنقرة، الجمعة، أنها قامت بترحيل ما يزيد عن 40 ألف لاجئ، بينهم أكثر من 6 آلاف سوري من إسطنبول منذ إطلاقها حملة ضد الهجرة “غير الشرعية”، وإعادتهم إلى محافظات كانوا قد تسجلوا فيها.
وبحسب نشرة منظمتي “العفو الدولية” و “هيومن رايتس ووتش” الدوليتين، التي نشروها الشهر الماضي، فإن تركيا تعيد اللاجئين السوريين إلى البلاد “قسراً” وإلى مناطق غير آمنة وتشهد عمليات عسكرية وتوتراً أمنياً، وهذا ما يتنافى مع مبادئ القانون الدولي الخاص بإعادة المهجرين إلى بلادهم بشكل طوعي. بدروها ردت تركيا على تقارير المنظمتين وقالت انهما “زائفتين ووهميتين”.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، كذلك بين أن السوريين يُرحلون من تركيا “قسراً”، مُطالباً الأمم المتحدة التحرّك لإيقاف “الحملة الهمجية” بحق السوريين.
اللاجئين في تركيا يشكلون “عباً” على اقتصادها
وتقول تركيا أن العدد الهائل للاجئين يشكل “عبأً” كبيراً على اقتصادها، في ظل عدم التزام الدول الأوروبية بدفع ما يترتب عليها، حسب الاتفاق التي أبرم بين الطرفين لاستقبال اللاجئين على الأراضي التركية، وتقول أنقرة أن 6 مليارات دولار يجب على الأوروبيين أن يدفعوها وألا “فإننا سنفتح أبواب الهجرة إليها، وسنغرق القارة الأوروبية باللاجئين”.
كذلك تطالب تركيا الدول الأوروبية، بدعم “خططها” لإقامة “منطقة آمنة” في شمال وشرق سوريا، لإعادة توطين 2 مليون لاجئ سوري فيها، وسط اتهامات دولية لتركيا بسعيها للقيام “بتطهير عرقي وتغيير ديمغرافي في تلك المناطق”.
الحكومة غاضبة من اللاجئين بسبب نتائج الانتخابات الماضية
وفي السياق أيضاً، تقول أوساط سياسية تركية، أن امتعاض حكومة العدالة والتنمية من اللاجئين ازاد في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد نتائج الانتخابات البلديات التي خسر فيها “العدالة والتنمية” رئاسة بلديات مدن كبرى كـَ اسطنبول وأزمير وأنقرة، لصالح المعارضة المتمثلة “بحزب الشعب الجمهوري”، وأشارت تلك الأوساط بأن “حكومة العدالة والتنمية” تضع الحق على اللاجئين وتراهم سبباً في الهزيمة أمام المعارضة، لذلك قررت معاقبتهم وترجيلهم، متحججة بنهاية إقاماتهم في البلاد.
ويقول سوريون، أن الرئيس التركي لطالما قال أنه سيساعد اللاجئين السوريين، وانهم أخواننا وجاؤوا لتركيا ويجب أن نحميهم لأنهم لجأوا إلينا، ألا أن أردوغان اليوم يقوم بطرد اللاجئين، بعدما قطع الأمل منه بأن يحصل على دعم مالي جديد من أوروبا.
وكانت السلطات التركية قد نفذت حملة كبيرة لترحيل اللاجئين في حزيران/يوليو الماضي وإلى نهاية تشرين الأول/أكتوبر ضد “المهاجرين غير الشرعيين في إسطنبول أكبر المدن التركية والتي تعد مركزاً مالياً مهماً، إضافة لمدن تركية أخرى”.
وبموجب الإجراءات يتعين على اللاجئ السوري البقاء في المحافظة التي قدم منها، ويمكنه زيارة مدن أخرى بموجب تصاريح قصيرة الأجل.
وسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحل أزمة اللاجئين بإقامة “منطقة آمنة” في شمال سوريا يمكن أن يعودوا إليها، فيما شككت مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان في جدوى الخطة، لأن أهالي تلك المناطق سيعتبرون الخطوة التركية “احتلالاً” ولن يكون هناك أمن واستقرار في تلك المناطق، التي ستشهد صراعات عرقية بمجر توطين “الغُرب” فيها.
وأعلنت سابقاً جهات تابعة للمعارضة السورية (مسؤولة عن معابر حدودية مع تركيا)، انها استقبلت الآلاف من اللاجئين السوريين، معادون من تركيا إلى مناطق سيطرة قوات المعارضة، التي هي أيضاً تشهد توتراً وفلتاناً أمنياً. وهذا أيضاً خرق للقوانين الدولية التي تنص على عدم إعادة أي لاجئ إلى بلاده في حال لم تكن الأوضاع الأمنية فيها مستقرة، ويجب أن تكون عودته طواعية، بينما ما يحصل مع السوريين اليوم، أنهم يُعادون إلى مناطق غير آمنة، وبشكل قسري.
إعداد: ربى نجار