10سنوات مرت على بداية الحرب السورية، تصدر لاجئوها عناوين الصحف الدولية، لكن كيف حال مع من بقي في سوريا؟ ليسوا على ما يرام، وخلال العام الماضي أصبح الأمور أسوأ بكثير.
وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، يعاني أكثر من 12 مليون سوري “60٪ من السكان” من انعدام الأمن الغذائي، وفي مواجهة الصعوبات المتزايدة، تكافح الغالبية العظمى من العائلات السورية من أجل تناول الطعام، بل إنها تستغني عن الضروريات الأساسية للتعامل مع قوتها الشرائية المتضائلة.
خذ هذا المثال الوحيد: في سوريا يكلف كيلوغرام لحم البقر الآن حوالي ربع متوسط الراتب الشهري للموظف في القطاع العام، ويتم تقنين معظم الضروريات مثل الأرز أو السكر أو الوقود بحكم الواقع.
وتضمن الدولة السورية الوصول إلى الحد الأدنى من الكمية بسعر محدد حاليًا، يحصل الفرد على كيلوغرام واحد من الأرز شهريًا و 25 لترًا من الوقود لكل سيارة في الأسبوع، يمكن شراء كميات أكبر من السوق الحرة، ولكن بالنسبة لمعظم الناس لا يمكن تحمل تكلفة ذلك.
أدت مجموعة من 3 صدمات سلبية إلى تعطيل الاقتصاد أكثر مما توقعه أي شخص خلال العام الماضي، بالنسبة لأية دولة، فإن مثل هذه الصدمات ستكون كارثة، وبالنسبة لسوريا فهي عاصفة كاملة.
كان قانون قيصر هو الصدمة الأولى، بموافقة إدارة ترامب في كانون الأول / ديسمبر 2019، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، التأثير الفوري لهذا القانون هو انهيار قيمة الليرة السورية، التي فقدت ما يقرب من 70 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في الأشهر التي تلت تطبيق القانون، حيث أدى ذلك إلى حدوث دوامة تضخمية أثرت على أسعار المواد الغذائية، والتي تضاعفت أكثر من 3 أضعاف في عام 2020.
من حيث المبدأ، كان ينبغي للعقوبات أن تضعف النظام السياسي للرئيس السوري بشار الأسد، لكن كما أوضحت الأمم المتحدة، فإن تأثيرها لم يؤد إلا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
والصدمة الثانية كانت الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان، يعمل لبنان كمركز للمعاملات المالية الدولية بالنسبة للجارة سورية، والعديد من الأسر والشركات السورية لديها ودائع تقدر بـ 20 مليار دولار، وفقًا للأسد.
وبالتالي، فإن تجميد الودائع في لبنان وضوابط رأس المال قد تُرجمت إلى صدمة سيولة في سوريا إلى جانب انخفاض سعر الصرف، علاوة على ذلك، أدى الانكماش الاقتصادي في لبنان إلى انخفاض الطلب على المنتجات السورية، مما أضر بالصادرات، علاوة على ذلك، أدى الانفجار المدمر الذي وقع في ميناء بيروت في آب / أغسطس 2020 إلى تأثر إمدادات الحبوب في سوريا.
اما الصدمة الـ 3 لا تحتاج إلى مقدمة، حيث دمر فيروس كورونا نظام الرعاية الصحية السوري الضعيف أساسا بفعل الحرب السورية. على مدى السنوات العشر الماضية، فر 70 في المائة من العاملين في المجال الطبي من البلاد. في حين كان من الممكن أن يتحول الوباء إلى مأساة حقيقية لسوريا، فإن العزلة الدولية وانخفاض درجة التنقل الداخلي ساعدا على الحد من انتشاره. لكن العواقب الاقتصادية لا تزال عالية. وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، شهدت سوريا انخفاضًا بنسبة 50 في المائة في التحويلات الخارجية بسبب فقدان وظائف الوافدين في الخارج ونقص السفر الدولي، مما أعاق فعليًا التحويلات النقدية.
ربما تكون إحدى أخطر عواقب فيروس كورونا المستجد هو أن المجتمع الدولي نسي أمر سوريا، ومن أجل التغلب على الأزمة الإنسانية وتحقيق الاستقرار في الاقتصاد المتدهور، هناك حاجة إلى إجراء مراجعة جادة لنظام العقوبات الحالي. لسوء الحظ، لا يبدو أن إدارة بايدن مستعدة لتغيير نهج ترامب، وفي خطاب ألقاه مؤخرًا أمام البرلمان الأوروبي، أعلن جوزيب بوريل، المفوض السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، أنه “لن تكون هناك نهاية للعقوبات، ولا تطبيع، لا يوجد دعم لإعادة الإعمار، حتى يتم الانتقال السياسي”.
فإلى أي مدى يجب أن يتم وضع السكان تحت الضغط من أجل إجراء التغيير السياسي في بلد أجنبي؟، فتقاعس المجتمع الدولي عن إيجاد حل سياسي للأزمة لم يعد مقبولاً ولا ينبغي نسيان التكاليف الكارثية على الأرض التي ستزداد سوءاً.
المصدر: صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية
ترجمة: أوغاريت بوست