أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لاقت عملية “نبع السلام” التي أطلقتها تركيا عصر يوم الأربعاء الماضي ضد مناطق شمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية، رفضاً دولياً كبيراً، منهم من قال عنها أنها “عدوان”، ومنهم من وصفها “الخطأ الكبير”، وآخرين “دعوا لوقف الحرب كون داعش لايزال نشطاً في تلك المناطق”.
ردود أفعال منددة بالتحرك العسكري التركي شمال سوريا
وتوالت ردود الأفعال الغاضبة والمنددة حول العملية التركية في شمال سوريا، من أغلب دول العالم، كذلك دعت تلك الدول إلى وقف فوري لإطلاق النار، كون تلك المناطق تحوي على أكثر من 5 ملايين مدني (سكان أصليين)، إضافة إلى مئات الآلاف من النازحين.
ردود الأفعال الغاضبة هذه، أغضبت تركيا كثيراً، واربكت سياساتها، كونها وجدت نفسها اليوم، محل “نقض” من الحلفاء والأصدقاء قبل الخصوم، ومن أكثر الدول الحليفة التي يبدو أنها بدأت تعاقب تركيا، هي النرويج (الحليف في الناتو)، حيث علقت تعاملاتها العسكرية إلى إشعار آخر مع تركيا.
عربياً، كانت ردود الأفعال لمصر والسعودية هي أكثر من أغضبت تركيا، حيث لم تخف القاهرة غضبها من تصرفات أنقرة في “شرق المتوسط وسوريا وليبيا ودعمها لجماعة الإخوان والتنظيمات المتشددة”.
أردوغان يهرب من الانتقادات خلال ورقة اللاجئين السوريين
ولم يكن أمام أردوغان في هذا الموقف، الذي وصفه مراقبون بأنه لا يحسد عليه، من شدة الانتقادات إلى عمليته العسكرية في شمال وشرق سوريا “الآمنة”، ألا وأن استخدم ورقة اللاجئين “المعتادة” بوجه العالم مرة أخرى، حيث هدد أردوغان، بفتح أبواب أوروبا أمام الملايين من اللاجئين، فضلاً عن إعادة “الدواعش الأوروبيين إلى بلدانهم”، كخطوة يصفها المراقبون “بالابتزاز في مواجهة الانتقادات الأوروبية للهجوم الذي تشنه القوات التركية شمال شرق سوريا”.
وقال أردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة “أيها الاتحاد الأوروبي، تذكر: أقولها مرة جديدة، إذا حاولتم تقديم عمليتنا على أنها اجتياح، فسنفتح الأبواب ونرسل لكم 3.6 مليون مهاجر”.
أكبر مقامرة.. وقسد تربك تركيا
واعتبر مراقبون، “أن الصخب الإعلامي والسياسي الذي أحاطت به تركيا هجومها في اليومين الأولين لا يخفي أن أنقرة لا تتحكم بمصير المعارك ولا توقيت إنهاء الهجوم، أو المناطق التي سيمتدّ إليها، معتبرين أن “التوغل التركي في الأراضي السورية تنطبق عليه مقولة احذر ما تتمناه، فقد تحصل عليه، لأن أردوغان دخل في أكبر مقامرة وخيارات صعبة”. خصوصاً وأن العملية برؤية المراقبين مكلفة ونتائجها لم تكن متوقعة.
ويشير مراقبون، إلى أن القوات التركية كانت تعتقد ان جبهة واحدة فقط سوف تفتح مع قوات قسد، بيد أن الأخيرة فتحت أكثر من 10 جبهات على طول الحدود (650) كم، وهذا ما كانت قد توعدت به القوات سابقاً، “حرب شاملة”، حيث أشارت قناة سي أن أن الأمريكية، ان هذه الخطوة التي اتخذتها قوات قسد (فتح جبهات متعددة)، أربكت تركيا كثيراً، ولم تكن تتوقع ذلك.
ترامب يضع 3 احتمالات أمام أردوغان
وفي سياق آخر، وخلال أقل من 24 ساعة، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى نظيره التركي أردوغان، تحذيراً شديد اللهجة، حيث قال، أمام تركيا ثلاث خيارات، “إرسال الآلاف من القوات والانتصار عسكرياً، أو ضرب تركيا بشدة مالياً وفرض عقوبات، أو التوسط بين تركيا والأكراد”، فاتحاً بذلك الباب أمام اتفاق كردي تركي لوقف إطلاق النار وعودة الناس إلى منازلهم.
وبعد حديث ترامب بفترة قصيرة، أعلن البيت الأبيض أن ترامب كلف دبلوماسيين أمريكيين بالتوسط بين “الأكراد والأتراك” لوقف إطلاق النار، حديث من الممكن جداً أنه بعث بمضموناته إلى تركيا، أنه “حان الوقت للوقوف”، حسب مراقبين، الذين أشاروا أيضاً إلى أن ترامب قالها سابقاً، “إذا تجاوزت تركيا الخطوط الحمر، سأدمر اقتصادها”.
فهل سيوقف السعي الأمريكي والنقد العالمي، العملية العسكرية التركية في شمال وشرق سوريا، التي تهدف إلى إنشاء “منطقة آمنة” وتوطين مليوني لاجئ فيها؟
أم أن الولايات المتحدة نجحت فعلاً من شد تركيا إلى مستنقع قد يودي بأردوغان وحكومته، أو أن يدل لهم أن تركيا لن تستطيع فعل أي شيء في المنطقة بدون موافقة الولايات المتحدة.
إعداد: ربى نجار