أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعيش محافظة السويداء التي تشهد حراكاً شعبياً سلمياً منذ آب/أغسطس الماضي، حالة من التوتر والترقب لما ستؤول إليه الأمور جراء التعزيزات العسكرية الضخمة التي أرسلتها الحكومة السورية خلال الفترة الماضية، وسط مخاوف جدية من أي عملية عسكرية تقوم بها الحكومة لإنهاء الحراك السلمي، واستهداف رموز الحراك، في وقت يؤكد وجهاء المحافظة عدم رغبتهم بالتصعيد والعنف.
دمشق ترد على الحراك في السويداء بتعزيزات عسكرية
ومع استمرار الحراك الشعبي في السويداء الذي باتت ساحة الكرامة وسط المدينة، رمزاً له، وتمسك المحتجين بمطالب “إسقاط النظام” و “الانتقال السياسي للسلطة” و” التغيير الديمقراطي” وحل الأزمة السورية على أساس القرار الأممي 2254، وبعد أشهر من تجاهل الحكومة السورية لهذا الحراك وعدم اتخاذ أي تحرك اتجاهه، أرسلت الحكومة السورية قوات عسكرية وآليات وتعزيزات إلى محافظة السويداء، ما أثار مخاوف من قبل أوساط محلية من تصعيد قد تعمل عليها الحكومة من أجل ضرب وإنهاء الاحتجاجات.
تحذيرات من أي تصعيد.. “وخطوات تصعيدية من دمشق”
وفي السياق، حذّر رئيس طائفة المسلمين الموحدين، حكمت الهجري، من أي تصعيد لقوات الحكومة السورية في المحافظة الجنوبية التي كانت بعيدة عن الصراع المسلح على السلطة منذ أكثر من 13 عاماً، وأكد الشيخ الهجري على سلمية الاحتجاجات ودعم مطالب المحتجين بالتغيير السياسي في البلاد، مبدياً في نفس الوقت استعدادهم للدفاع عن أنفسهم في حال تعرضهم لأي هجوم.
وفي خطوة اعتبرها الكثيرون إنها “تصعيدية و تشير إلى أن الحكومة السورية تنوي على الدخول عسكرياً في المحافظة”، عين الرئيس السوري بشار الأسد يوم الأحد، اللواء أكرم علي محمد، رئيس فرع أمن الدولة في طرطوس ونائب أول لمدير المخابرات العامة سابقاً، محافظاً للسويداء. خطوة عززت بشكل كبير من المخاوف لدى الأهالي من أي عملية عسكرية.
هل يتكرر سيناريو دخول درعا عسكرياً في السويداء ؟
وكما الحال في درعا قبيل العملية العسكرية فيها عام 2018، بدأت الحكومة السورية وإعلامها بالترويج لوجود خلايا لتنظيم داعش الإرهابي في محافظة السويداء، حيث قال التلفزيون السوري يوم الجمعة الماضية، إن “الجهات المختصة في السويداء قضت على خلية إرهابية من تنظيم داعش حاولت تنفيذ عملية إرهابية ضد المدنيين في أحد أحياء المدينة”.
وقال ناشطون محليون لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، إن حديث الحكومة السورية والإعلام الرسمي لها عن وجود خلايا لتنظيم داعش في السويداء “كذبة”، واصفين إياها “بالمسرحية القديمة”، مشيرين إلى أن ما تم ترويجه في درعا سابقاً لأجل إعطاء الذريعة لشن عملية عسكرية في المحافظة الجنوبية الجارة، يكررها الإعلام الرسمي بأوامر من القيادات في السويداء.
“مسرحية داعش”.. و “دمشق تريد إنهاء الحراك بالقوة”
وأبدى الناشطون في حديثهم، مخاوفهم من أن التعزيزات العسكرية التي وصلت خلال الفترة الماضية إلى المحافظة هي إشارة إلى أن الحكومة لا تريد السماع لمطالب المحتجين وتريد إنهاء الحراك الشعبي السلمي بالطرق العسكرية، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم الأمور بشكل كبير إشعال الأوضاع، مشددين على أن أهالي والقوات المدافعة عن السويداء ستدافع عن نفسها في حال تعرض مناطقهم لأي هجوم.
وأكد الناشطون، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم وصفاتهم لدواعي أمنية، بأن الشخص الذي تم الحديث عنه أنه قيادي من تنظيم داعش الإرهابي وتابع للخلية التي أدعت الحكومة السورية القضاء عليها في السويداء “غير معروف بالنسبة لسكان المنطقة”، فيما لم يستبعد الناشطون أن يكون الشخص “مستأجر من قبل الحكومة سابقاً” للعمل على “هذه المسرحية” لجعلها ذريعة للدخول إلى السويداء بالقوة العسكرية وإنهاء الاحتجاجات بالقوة.
“دمشق هي من أدخلت داعش لارتكاب الجرائم بالسويداء”
وسبق أن تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لعناصر مشاركين في العلمية التي قال الإعلام الحكومي أنه “القضاء على خلية لتنظيم داعش الإرهابي في السويداء”،نقلاُ عن منصات تابعة للحكومة السورية، ظهر خلالها عنصر في قوات الحكومة وهو لا يرتدي الحذاء، مشيرين إلى أن ذلك “استخفاف”، وأن ارتداء الحذاء هو أقل إجراء احترازي في عملية كهذه تستهدف شبكة أو خلية أو جهة إرهابية كتنظيم داعش، معتبرين أيضاً إن ذلك يدل على “المسرحية” التي تريد الحكومة ترويجها في السويداء، وأضافوا أنهم اعتادوا على مثل هذه التمثيليات من قبل الحكومة، منوهين إلى أن ما شهدته المحافظة في عام 2018 حينما هاجم تنظيم داعش المحافظة، كان من تدبير الحكومة؛ التي فتحت الطريق لهم للقيام بإجرامهم بحق سكان السويداء في الهجوم الذي راح ضحيته 300 شخص.
يشار إلى أن محافظة السويداء شهدت انقطاعاً كاملاً للكهرباء قبيل هجوم تنظيم داعش الإرهابي على المحافظة، والذي قيل حينها أن الحكومة أخرجت عناصر لداعش من مخيم اليرموك للقيام بالإرهاب ضد أهالي السويداء، بينما يؤكد ناشطون أن الحكومة بترويجها لمثل هذه التمثيليات وبالتزامن مع إرسال التعزيزات العسكرية هو محاولة لضرب الحراك السلمي و الالتفاف على مطالب الأهالي و إخضاعهم وتكرار سيناريو درعا في المحافظة الجنوبية.
“التعزيزات لا تستهدف الحراك المدني”
وسبق أن قال “أمين فرع حزب البعث” في السويداء فوزات شقير إن “التعزيزات العسكرية الأخيرة التي وصلت للسويداء لاعلاقة لها بما يجري مدنياً داخل المحافظة وفي ساحاتها، وهو من ضمن التحركات العسكرية الخاصة بعمل الجيش”، مشيراً إلى أن “المعلومات التي لديه تقول بأن التعزيزات عي للوقوف بوجه كل ما يستهدف الأمن والأمان والسلم الأهلي”، وذلك في تصريح منه خلال اجتماع مجلس المحافظة الاثنين، بحسب الصفحة الرسمية للمحافظة، ووفق ما نقل موقع “السويداء 24”.
إعداد: ربى نجار