أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بات اللاجئون السوريون حديث الساعة في الأوساط الإعلامية والسياسية، وخاصة بعد التحركات الأخيرة من قبل تركيا ولبنان، ومساعيهم إلى جانب الأردن لإعادتهم إلى بلادهم، ولو أن تحركات عمان تعتبر في سياق القانون الدولي وحقوق اللاجئين أكثر من بيروت وأنقرة.
السوريون يعيشون في خوف وإهانة
وبعد عشرات التقارير التي كشفت عن ما يتعرض له اللاجئون السوريون في لبنان وتركيا، من معاملة سيئة والاعتقال والترحيل بشكل قسري تحت مسمى “العودة الطوعية”، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن السوريون في تركيا يعيشون في حالة خوف والإهانة.
وفي تقرير لها، قالت الصحيفة الأمريكية، تعليقاً على مصير اللاجئين السوريين في تركيا، أنهم (اللاجئون السوريون) “يشعرون بالإهانة والتهمة بالمسؤولية عن العديد من المشاكل التي تواجه تركيا”.
ويُحمل اللاجئون السوريون مسؤولية ما تعيشه تركيا من أزمات اقتصادية ومعيشية إلى جانب العنصرية التي غذتها أطراف سياسية تابعة وموالية للحكومة في أنقرة والمعارضة أيضاً، حيث بات المجتمع التركي الآن يرى بأن وجود السوريين على أراضيه يعني استمرار الأزمات والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وتكمل الصحيفة الأمريكية أن تركيا تعتبر من أكبر الدول التي استضافت اللاجئين السوريين حول العالم، حيث يتواجد حالياً نحو 3.6 مليون لاجئ سوري في البلاد.
المزاج في تركيا حول اللاجئين السوريين تغير
وقالت إن سياسة تركيا المفتوحة في السنوات الأولى بعد اندلاع الأزمة السورية كانت مصدر فخر وثناء، لكن المزاج تغير بعد نحو 12 عاماً، حيث تعاني تركيا من انهيار قيمة العملة وزيادة معدلات التضخم ومشكلات متعددة.
وفتحت تركيا حدودها على مصراعيه للجماعات المتطرفة والمتشددة التي شاركت المعارضة السورية بقتال الحكومة، كما بنت على أراضيها مخيمات واحتوت المقاتلين وزودتهم بالأسلحة، مما أدى لتفاقم الصراع على السلطة في البلاد، وهو ما دفع بالملايين من السوريين للفرار نحو تركيا.
تركيا مسؤولة عن موجات هجرة السوريين إليها
إضافة لذلك كله، العمليات العسكرية التي قامت بها تركيا في الأراضي السورية خلال السنوات الماضية، واستمرار دعمها للصراع المسلح على السلطة حتى الآن، أيضاً دفع باستمرار موجة اللجوء، حتى وصل العدد إلى ما هو عليه للاجئين السوريين في تركيا.
وبالعودة للتقرير الأمريكي، تحدث أيضاً عن أن العديد من اللاجئين السوريين يرغبون في الهجرة إلى أوروبا، لكن المال يشكل العائق الأساسي، حيث يطلب المهربون نحو 9 آلاف دولار أمريكي لنقل اللاجئين عبر البحر، مما يجعلهم يعيشون في المجهول.
التفكير بالهجرة إلى أوروبا بعد مساعي أنقرة للصلح مع دمشق
وبدأ السوريون في أوروبا بالتفكير بالهجرة، بعد عمليات الترحيل القسرية التي تقوم بها السلطات التركية، والمساعي لإعادة تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية برعاية روسية، وما يتم الحديث حوله بأن أحد أهم بنود الاتفاق بين أنقرة ودمشق، هي مسألة اللاجئين وكيفية إعادتهم إلى البلاد، وهو ما شكل حالة من الخوف لدى الكثير من السوريين في تركيا الأمر الذي دفعهم للهجرة مرة أخرى والتفكير فيها.
كذلك يقول التقرير الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن العودة الطوعية للسوريين إلى بلادهم هي جزء كبير من عمليات التطبيع بين تركيا وسوريا، واتهمت في الوقت ذاته حكومة أردوغان بالإعلان عن خطة لإعادة مليون لاجئ سوري إلى شمال سوريا قبل الانتخابات الرئاسية في عام 2022.
وتقول تركيا أنها تنوي إعادة مليون ونصف مليون لاجئ سوري إلى الشمال، ضمن مناطق عملياتها العسكرية، هذه المناطق التي هجر منها أهلها وأجري فيها تغييراً ديمغرافياً (التركيبة السكانية)، وخاصة ضمن المناطق الكردية في سوريا، وعلى رأسها عفرين ورأس العين وتل أبيض، ولاتزال تسعى تركيا لشن المزيد من العمليات لتهجير المواطنين الأكراد من مناطقهم لتوطين آخرين بدلاً عنهم.
وقالت وزارة الدفاع التركية، الجمعة الماضية، أن أكثر من مليون سوري عادوا لبلادهم، بينهم أكثر من 470 ألفاً إلى منطقة إدلب وحدها منذ 2023.
السوريون في لبنان.. اعتقالات وانتهاكات وتعذيب نفسي وجسدي
حال السوريين ليس بالأفضل في لبنان، التي تعمل على إعادة اللاجئين بشكل قسري رغم المطالب الدولية بالتوقف عن ذلك، حيث رحلت بيروت خلال الفترة الماضية العشرات من السوريين من أراضيها، تحت مسمى العودة الطوعية، بينما أكد تقرير “لهيومن رايس ووتش” قبل نحو أسبوعين أن عمليات الترحيل تجري في ظل انتهاكات وتعذيب وتعرض المهجرين للضرب والشتائم من قبل الجيش اللبناني، الذي يقول أنه ينفذ قرار المجلس الأعلى حول ترحيل السوريين.
وأشارت المنظمة إلى أن السوريون في لبنان “يعيشون في خوف دائم من امكانية اعتقالهم وإعادتهم (..) حتى لو كان لديهم وضع لجوء”.
الأمم المتحدة ستوقف دعمها للاجئين السوريين في الأردن
أما الأردن، ترغب المملكة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، لكن بطرق قانونية أكثر، حيث تعتزم القيام بذلك بالتوافق مع دمشق، لكن على الأردن أن يدرك أن هناك الكثيرين تشكل العودة خطراً كبيراً على حياتهم ويجب مراعاة أوضاعهم الأمنية قبل العودة، وإلا ستصبح هي أيضاً كما السلطات اللبنانية والتركية. بحسب ما يقول متابعون.
الخارجية الأردنية: لن نستطيع تحمل العبء وحدنا
وفي سياق متصل، كشف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الخميس، أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة سيقطع مساعداته الحيوية عن اللاجئين السوريين بالمملكة اعتباراً أول الشهر القادم، وقال أن ذلك سيحدث فجوة كبيرة وسيعاني اللاجئون كما أن المملكة لن تستطيع تحمل هذا العبء وحدها.
وأضاف في تغريدة له على “تويتر” أن “توفير حياة كريمة للاجئين مسؤولية عالمية، ليس بلدنا وحده كبلد مضيف، ويجب أن تعمل الأمم المتحدة لتمكين العودة الطوعية، وحتى ذلك الحين يجب أن تحافظ وكالاتها على الدعم الكافي”.
وأضاف أن بلاده ستشاور البلدان المضيفة الإقليمية لعقد اجتماع لتطوير استجابة مشتركة لانخفاض الدعم للاجئين السوريين وتدابير التخفيف من تأثيره”.
ويضم الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، بينما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى المملكة منذ عام 2011 بنحو 1.3 مليون.
إعداد: ربى نجار