أوغاريت بوست (الحسكة) – قررت المؤسسة السورية للحبوب وقف عمليات شراء محصول القمح من المزارعين في الحسكة بشمال شرق سوريا، الأمر الذي أدى إلى حالة من الاستياء الكبيرة بين فلاحي المحافظة.
المحاصيل التي نجت من الحرائق لن تنجو من قرارات السورية للحبوب
الفلاحين قالوا، أن ما لم تحرقه النيران التي اندلعت بالمحاصيل الزراعية في المحافظة، تحرقها القرارات التي صدرت من قبل المؤسسة السورية للحبوب.
ويقول أحد الفلاحين المستائين في الحسكة، “أنه لعدم توفر آليات النقل بالطرق النظامية من مواقع الانتاج إلى مراكز تسويق الحبوب، فإن كل ما تم تسويقه لم يكن للفلاحين نصيب فيه، مشيراً إلى أن كل من أوصل شحنات محصوله لمراكز التسويق في الحسكة هم من تجار الحرب والمتنفذين والمحسوبين على الحكومة”.
وأشار الفلاح إلى أن أكثر من 1500 شاحنة تقف أمام مراكز التسويق منذ 20 يوماً، ولم تتمكن حتى الآن من الدخول للمراكز وتفريغ حمولتها، وأرجع الفلاح السبب “للفوضى والتجاوزات والمحسوبيات”، وقال في تصريحات خاصة لأوغاريت بوست “أن كل يوم تأخير يكلف الفلاح بين 60 و 70 ألف ليرة سورية بسبب توقف الشاحنة المؤجرة لنقل المحصول الزراعي عن العمل”.
امتلاء مخازن السورية للحبوب في الحسكة
يذكر أن المدير العام للمؤسسة السورية للحبوب يوسف قاسم قد قال لوسائل إعلام سورية، أنه تم شراء 400 ألف طن من محصول القمح وهو ما يكفي محافظة الحسكة لأكثر من سنتين وثلاثة أشهر، مؤكداً أنه تم استلام أكثر من ثلثي المحصول، وما بقي عند الفلاحين لا يساوي بالنسبة المئوية عشرين بالمئة من المحصول.
ويقول المسؤولين عن استلام شحنات محصولي القمح والشعير في المؤسسة بالحسكة، إن عدم تلقيهم لكميات جديدة من المحاصيل الزراعية من الفلاحين بسبب امتلاء المخازن ولا يوجد أماكن إضافية لتخزين المحصول.
نفقات كبيرة قد يضطر الفلاح لتحملها
وأفادت جهات رسمية في مراكز استلام المحاصيل في محافظة الحسكة، إن الفلاحين يمكنهم أن يعوضوا خسائرهم ببيع المحاصيل لمحافظات أخرى!.
علماً أن ذلك سيؤدي إلى تحمل الفلاح نفقات أكثر، بالنسبة لأجرة الطريق وتنزيل الحمولة من قبل العمال، واستغراق وصول الشحنات إلى المحافظات الأخرى أياماً، وبالمجمل سيؤثر ذلك على ما يجنيه الفلاح العادي من ثمن المحصول أن وصلت شحنته وقبض ثمنها.
أحد فلاحي الحسكة ويدعى عبدالله أحمد قال لأوغاريت بوست، ان عملية النقل لمحافظة أخرى ستكلف الفلاحين عبئاً كبيراً، خصوصاً في الوقت الذي نشهد فيه ضغطاً وطلباً كبيراَ على شاحنات النقل، وأضاف أنه تحدث مع أحد سائقي الشاحنات لنقل محصوله إلى الرقة، حيث طلب السائق “مبلغ خيالي” مقابل إيصال الشحنة إلى الرقة، وأشار إلى عدم تأكده من أن مؤسسات الحكومة سوف تشتري منه المحصول وقد يضطر إلى إعادتها للحسكة، ما سيضاعف أجرة النقل.
انعكاسات سلبية للقرار
ويخشى الفلاحون أيضاً من الانعكاسات السلبية الأخرى لقرار المؤسسة العامة للحبوب في الحسكة بإيقاف عمليات شراء المحصول الزراعي، حيث لن يتمكن الفلاحون من تسديد الديون المترتبة عليهم للمصرف الزراعي، حتى بعد صدور القانون رقم 46 المتضمن جدولة الديون المترتبة على الفلاحين وإسقاط الفوائد عنها في القطاعين العام والتعاوني التي كانت تبلغ أكثر من 45 مليار ليرة سورية.
وهذا سيؤثر سلباً بالتالي على الخزينة العامة وعلى المصارف الزراعية أيضاً، التي كانت تعول على اقتطاع ديونها من الفواتير العائدة للفلاحين.
بيع المحصول للإدارة الذاتية والخشية من عدم الشراء
ويرى الكثير من الفلاحين ان الوسيلة الوحيدة لعدم خسارتهم وتكبيد عناء السفر وبيع المحصول للمحافظات الأخرى، ان يتم بيع محاصيلهم للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، والتي حددت تسعيرة لمحصولي القمح والشعير أقل من سعر الحكومة بما يقارب الـ30 ليرة.
علماً ان الإدارة لن تقوم باقتطاع أي ديون من الفلاحين حسب تصريح مسؤوليها، وكانت المؤسسات الزراعية التابعة لها قد أوضحت إن ثمن المحصول سيتم دفعه للفلاح خلال أيام من تسويقه لمؤسساتها الزراعية في المناطق التي تسيطر عليها.
ويخشى الفلاحون أيضاً أن لا تقوم الإدارة بشراء محاصيلهم، مما قد يدفعهم لبيعها للتجار، والذين يريدون المتاجرة بها، بـ “أبخس الاسعار”، وهو ما قد يضطر الفلاح لفعله في حال إغلاق كل الأبواب بوجهه وعدم تمكنه من تسويق محصوله الزراعي، بدلاً من ان يتلف و”يرميه بالشارع” حسب وصف أحد الفلاحين.
إعداد: علي إبراهيم