أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – منذ أعوام تدخلت تركيا عبر جشيها في كل من شمالي سوريا والعراق، وذلك لقول أنقرة إنها “تحارب حزب العمال الكردستاني” وتشكيلات عسكرية تصفها بأنها “موالية له”، فيما تعتبر المعارضة التركية تدخل جيش بلادها في هذه الدول له تأثير على تفاقم الأزمات فيها، محملة أنقرة مسؤولية سقوط القتلى والخسائر بالمنظومة العسكرية، وما تسببها من آثار سلبية على الاقتصاد المحلي.
مساحات واسعة من شمالي سوريا والعراق تحت سيطرة تركيا
وتسيطر تركيا عسكرياً على 7 مدن رئيسية في شمال سوريا مع أريافها، وهي “إدلب و إعزاز و جرابلس والباب وعفرين ورأس العين وتل أبيض”، وتهدد أنقرة بين الحين والآخر بشن عمليات عسكرية توسعية جديدة في شمال شرقي سوريا، وهي مناطق الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، كون أنقرة تعتبر تواجد هذه الأطراف على حدودها الجنوبية “تهديداً لأمنها القومي”.
كما تسيطر تركيا بجشيها على مساحات واسعة من أراضي إقليم كردستان العراق، ولها عشرات القواعد والنقاط العسكرية، التي ثبتتها جراء العشرات من العمليات العسكرية البرية والجوية ضد أهداف تقول إنها “لحزب العمال الكردستاني”، حيث أن أنقرة تعتبر تواجد الحزب الكردي في هذه المناطق “تهديداً لأمنها القومي” على الرغم من أن اتفاق وقف إطلاق النار بين الحزب وتركيا في 2005، نص على خروج قوات الحزب العسكرية من الأراضي التركية وانتقالهم إلى شمال العراق.
لعامين.. البرلمان يوافق على تمديد مهام الجيش التركي في سوريا والعراق
وقبيل انتهاء التفويض المقدم من قبل البرلمان التركي، للجيش التركي المتواجد في الشمال السوري والعراقي، وافق البرلمان التركي، يوم الثلاثاء، على تمديد مهام القوات العسكرية في شمالي سوريا والعراق لمدة عامين إضافيين، وذلك لمحاربة ما تسميهم “بالإرهاب”.
ووافق البرلمان التركي، على تمديد التفويض العسكري لقوات بلاده في كل من سوريا والعراق لمدة عامين إضافيين بناءً على المذكرة الرئاسية المرسلة والموقعة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ونصت المذكرة على أن “التطورات والاشتباكات المتواصلة في المناطق المتاخمة للحدود البرية الجنوبية لتركيا، في تصاعد مستمر”، واعتبرت المذكرة أن “هذه الاشتباكات والتطورات العسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي التركي”.
وجاء في المذكرة الرئاسية للبرلمان، أن تركيا تولي اهتماماً كبيراً للحفاظ على وحدة الأراضي العراقية والسورية واستقرارهما ووحدتهما الوطنية، ووفق ما نصت المذكرة فإن استمرار وجود عناصر حزب العمال الكردستاني” و “تنظيم داعش الإرهابي في العراق، وما وصفته “بالمحاولات الانفصالية القائمة على أساس عرقي” هو “تهديد مباشر للأمن والسلم الإقليمي والاستقرار في تركيا”.
تهديد للمعارضة بعدم القبول.. والسبب ؟
وسبق أن هدد زعيم المعارضة التركية، كمال كليشدار أوغلو، الذي كان المنافس الشرس للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الانتخابات الرئاسية التي أقيمت خلال العام الجاري، بعدم موافقة حزبه الذي هو أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، على المذكرة، وهو ما كان سيعرقل وجود القوات التركية في شمالي سوريا والعراق، وبالتالي انسحابهم.
وخلال اجتماع لكتلة حزبه البرلمانية، ألقى كليشدار أوغلو كلمة، حيث أبدى تأييده لما وصفه “بمكافحة الإرهاب”، ولكنه أعرب عن استيائه من توجيه دعوة لقوات مسلحة أجنبية للانتشار في تركيا، مؤكدًا أن تركيا لا تحتاج إلى تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية، مشيراً إلى أن المذكرة التي وصلت من الرئاسة التركية فيها نقاط لم يفهموها.
وأوضح موقفه بالقول “المذكرة تتضمن دعوة قوات مسلحة أجنبية إلى تركيا، فماذا يعني هذا؟ نحن لا نريد وجود أي جندي أجنبي أو أن يأتي أي جندي إلى تركيا انطلاقًا من موقف قومي، الجيش كافح الإرهاب دون قدوم جندي أجنبي، فمن هم هؤلاء الجنود الأجانب”.
واستنكر كليشدار أوغلو التصاعد في الأحداث الدولية التي تورطت فيها تركيا، قائلاً، “تسقط مروحيتنا نسمع ذلك من الأجانب، تسقط المسيرة نسمع ذلك من الأجانب أيضاً، ولهذا إن كنت قوميا فستقول للمذكرة لا”، وقصد كليشدار أوغلو بحديثه إسقاط قوات التحالف الدولي لطائرة مسيرة تركية خلال عمليتها العسكرية الجوية في مناطق “الإدارة الذاتية”، حيث شكلت تهديداً للقوات العسكرية الأمريكية في قاعدة تل بيدر بريف محافظة الحسكة قبل أيام.
تدمير البنى التحتية في شمال سوريا.. والتدخل البري وارد
وفي الـ3 من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، شنت 50 طائرة حربية ومسيرة تركية غارات جوية استهدفت بنى تحتية ومرافق حيوية، من آبار نفطية ومحطات الطاقة الكهربائية وضخ المياه ومستشفيات ومدارس في مناطق شمال شرقي سوريا، أسفرت عن تدمير 80 بالمئة من البنى التحتية التي يعتمد عليها أكثر من 5 ملايين نسمة يعيشون في هذه المناطق، في ظل أزمات اقتصادية وخدمية يعاني منها السكان أصلاً نتيجة استمرار الحرب في سوريا وغياب الحلول السياسية والانهيار الاقتصادي.
وهددت أنقرة خلال العملية العسكرية الجوية في شمال سوريا، بأن خيار العمل البري لايزال مطروحاً على الطاولة، في حال رأت بأن الأوضاع تتطلب ذلك.
وسبق أن هددت أنقرة بشن عمليات عسكرية برية في مناطق “الإدارة الذاتية” قبل أشهر، إلا أن الرفض الدولي والإقليمي، وخاصة من قبل الولايات المتحدة وروسيا وإيران، حال دون ذلك.
ماذا تريد أنقرة من شمال سوريا ؟
وتدعو أنقرة منذ 2013، إلى إقامة ما تسميها “منطقة آمنة” في شمال شرقي سوريا، وذلك لحماية المدنيين السوريين من القصف، حسب وصفها، فيما تغيرت الراوية التركية بعدها بسنوات، حيث تشير إلى أن هذه المنطقة الآمنة ستقيمها أنقرة لإسكان اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها والبالغ عددهم أكثر من 3 ملايين ونصف المليون سوري.
وبنت تركيا مناطق وقرى سكنية بدعم ومساندة من جمعيات تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين في مناطق سيطرتها في الشمال، وخاصة الكردية منها، كـَ عفرين ورأس العين وتل أبيض، حيث ترحل بشكل شبه يومي المئات من السوريين إلى هذه المناطق تمهيداً لإعادة توطينهم بدلاً من سكان المنطقة الأصليين الذين تم تهجيرهم خلال العمليات العسكرية التركية التي شنتها انقرة في السنوات السابقة.
وتدعو دمشق بدورها، أنقرة، لأجل المضي قدماً في مسار التطبيع والصلح، للانسحاب العسكري الكامل من الأراضي السورية، مع وقف الدعم عن الإرهاب، في إشارة منها إلى المعارضة السورية السياسية والعسكرية، ووقف التدخلات بالشؤون الداخلية للدولة، وهو ما ترفضه أنقرة.
إعداد: ربى نجار