أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يعتبر الأطفال إحدى الجهات الأكثر تضرراً جراء الحرب والصراع المستمر على السلطة في سوريا، من حيث عدم حصولهم على التعليم والفقر المدقع الذي يواجهونه إضافة إلى استغلال أطراف الصراع لهم وتجنيدهم في الحروب والنزاعات المسلحة داخل سوريا وخارجها.
جريمة حرب.. الأطفال السوريين جنود بالحروب والنزاعات
وخلال سنوات الحرب والصراع المسلح على السلطة في سوريا كان الأطفال من بين أكثر الجهات تضرراً، حيث كشفت تقارير إعلامية عن أنه من بين أكثر من 507 آلاف شخص فقدوا حياتهم وقتلوا خلال 13 عاماً من الحرب في سوريا، هناك 25 ألف طفل، إضافة إلى وجود المئات منهم في المعتقلات، وزج آخرين من قبل الأطراف المشاركة في الصراع بالنزاعات المسلحة خارج سوريا، كليبيا والحرب ما بين أذربيجان وأرمينيا، مع استمرار تجنيدهم رغم أن ذلك يعد انتهاكاً للقوانين الدولية وجريمة حرب.
وانتعشت ظاهرة تجنيد الأطفال في مختلف المناطق السورية التي تسودها الفوضى والحروب واشتداد المعارك، وسط استغلال أوضاعهم المعيشية والاقتصادية السيئة، حيث لايزال هناك العشرات منهم مجندين ومتواجدين في دول كليبيا للقتال إلى جانب أطراف الصراع هناك.
أكثر من مليوني طفل خارج المدارس
أما فيما يخص الجانب التعليمي، فقد أظهر تقرير لصحيفة “قاسيون” المحلية عن أن أكثر من 2،4 مليون طفل سوري خارج المدرسة ويعانون من التسرب التعليمي، وقالت الصحيفة في تقريرها إن 46% من الأطفال السوريين خارج المدارس هم من الإناث و54% منهم ذكور، محذرةً أن أكثر من مليون طفل عرضة لخطر التسرب مجدداً.
ووفق ما جاء في التقرير فإن محافظة إدلب، ضمن مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” تصدرت القائمة بأعلى نسبة للأطفال خارج المدارس بواقع “69 بالمئة”، ومن ثم “الرقة بـ48 بالمئة”، و دمشق بـ46 بالمئة، وريف دمشق بـ40 بالمئة، و حلب بـ38 بالمئة.
7 ملايين طفل يحتاجون للمساعدات الإنسانية
وخلال تقرير لها الأسبوع الماضي، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، إن ما يقارب من 7.5 مليون طفل سوري بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، أكثر من أي وقت مضى، بعد 13 عاماً من الصراع في سوريا.
ويعود السبب الرئيسي لعمليات تسرب الأطفال الواسعة من المدارس في سوريا إلى الوضع الاقتصادي الذي يدفع الأسرة إلى سحب أطفالها من المدرسة لتقليل الإنفاق، وعدم توفر المعايير المطلوبة للبيئات التعليمية، وفقاً للتقرير.
وأكدت الصحيفة، تضرر أكثر من 3700 مدرسة بشكلٍ كلي أو جزئي في سوريا جراء الحرب المستمرة إلى جانب آثار الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمالي سوريا في الـ6 من شباط/فبراير 2023.
75 بالمئة من الأسر السورية فيها أطفال يعملون لإعانة أسرهم
كما انتشرت حالة عمالة الأطفال بشكل كبير في المجتمعات السورية خاصة مع الانهيار الاقتصادي وتراجع قيمة الليرة السورية والارتفاع الكبير على الأسعار، وهو ما دفع بالكثير من العوائل لإنهاء دراسة أطفالهم الزج بهم في مختلف الأعمال والمهن، على الرغم من أن ذلك يخالف القوانين السورية أيضاً.
ومن بين المهن والأعمال التي تعد خطرة على حياة الأطفال، العمل في جمع مادة الكمأة، حيث فقد وأصيب العشرات من الأطفال خلال عملهم هذا، من حيث انفجار لمخلفات الحرب والعمليات العسكرية بهم أو جراء هجمات تنفذها خلايا تنظيم داعش الإرهابي.
وفي تقرير أممي سابق حول الأطفال والنزاع المسلح لعام 2022، اعتبر أن سوريا هي الأسوأ عالميًا من ناحية تجنيد وعمالة الأطفال، وذلك وفق دراسة قام بها “مشروع بورجن“، الذي أكد أن 75 بالمئة من الأسر في سوريا لديها أطفال يعملون، نصفهم تقريبًا يوفرون مصدر دخل “مشتركًا” أو “وحيدًا” لأسرهم.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية حينها، أن التصعيد العسكري في مناطق شمال غربي سوريا أثّر بشكل كبير في إمكانية الوصول إلى خدمات التعليم لـ2.2 مليون طفل في سن المدرسة.
“عمالة الأطفال تفاقم عدم المساواة”.. و90 بالمئة منهم بحاجة لدعم
أما منظمة “اليونيسيف” الأممية فقد حذرت في تقرير لها، من التبعات الاجتماعية لعمالة الأطفال، التي قد تفاقم “عدم المساواة الاجتماعية والتمييز”، ونوهت إلى أن عمالة الأطفال تحد من إمكانية الحصول على التعليم ويضر بنمو الطفل العقلي والاجتماعي وحتى الجسدي، وخاصة بين الفتيات، حيث أن العبء الثلاثي في المدرسة والعمل والأعمال المنزلية يزيد من خطر تخلفهم وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للفقر والاستبعاد.
وفي آخر تقرير لمنظمة “صندوق الطوارئ للطفولة”، التابعة للأمم المتحدة (اليونيسيف) قال أن 90 في المئة من الأطفال السوريين يحتاجون إلى دعم، ووصف عمالة الأطفال في سوريا “بالمشكلة الأوسع انتشاراً والأكثر تعقيداً من مشكلات حماية الطفل”، في حين تؤكد منظمة “أنقذوا الأطفال” في تقرير لها أن 1 من كل 3 أطفال سوريين يدخل إلى سوق العمل.
إعداد: علي إبراهيم