أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – وسط ترحيب عربي ودولي باستئناف العلاقات السعودية الإيرانية بوساطة صينية، طفت أسئلة كثيرة حول كيفية أن تؤثر هذه العلاقات على الصراع على السلطة في سوريا والحرب في اليمن والأزمات في العراق ولبنان، حيث أن هذه الصراعات والأزمات هي بالأساس كانت نتيجة لتأزم العلاقات بين هذه الدول.
قلق إسرائيلي.. وترحيب دولي
وتتوالى ردود الأفعال الدولية والعربية المرحبة بالاتفاق على استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، بينما علقت الولايات المتحدة الأمريكية على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، إن السعوديين أبلغوا واشنطن باتصالاتهم مع الإيرانيين، لكن لم يكن للولايات المتحدة دور في الاتفاقية، وأضاف أنه ليس واضحا ما إذا كان ذلك سيؤثر على اتفاقيات أبراهام. يأتي ذلك وسط قلق في إسرائيل من هذا التطور.
وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلنت كل من الرياض وطهران اتفاقهما على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية في غضون شهرين، وذلك عبر وساطة صينية، في خطوة فاجأت الكثيرين.
كيف تأزمت العلاقات بين طهران والرياض ؟
وكانت السعودية وإيران بدأتا بحلول عام 2021، بالانخراط في محادثات مباشرة منخفضة المستوى، استضافتها العراق وسلطنة عمان لاحقاً، لتتكلل بعودة العلاقات، وتعهد الطرفان بعدم التدخل في شؤون بعضهما الداخلية وتعزيز السلم والأمن الدولي والإقليمي، كما أبدى الطرفان استعدادهما لتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في 2001 والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في عام 1998.
وتأزمت العلاقات بين الطرفين بعد إعدام السعودية لعالم دين شيعي سعودي معارض كان على علاقة وثيقة مع إيران يدعى نمر النمر، في عام 2016، بتهم تتعلق “بالإرهاب” وهو ما أزم العلاقة بين الطرفين بشكل كبير، وبعدها بأيام طالب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وقتها، البعثة الدبلوماسية الإيرانية بمغادرة البلاد.
ووصل الصراع بين البلدين لذروته بعد هجوم نفذ بواسطة طائرات بدون طيار على منشآت نقطية سعودية في 2019، وحينها اتهمت السعودية والولايات المتحدة، إيران، برعاية الهجوم وهو ما فندته طهران.
كما كان لدعم إيران العلني لجماعة الحوثي في اليمن، التي تحارب السعودية ضمن التحالف العربي لعودة الشرعية في اليمن، أحد أسباب تأزم العلاقات بين طهران والرياض، إضافة لدعم طهران العسكري للحكومة السورية ولحزب الله في لبنان وللحشد الشعبي في العراق.
ماذا عن الصراعات في الدول العربية ؟
وتتسائل أوساط سياسية حول كيفية أن تؤثر عودة العلاقات بين السعودية وإيران على الحرب في اليمن، ودعم طهران للحوثيين، حيث تسعى السعودية بحسب ما تراه هذه الأوساط إلى وقف لإطلاق نار شامل في اليمن، والاتفاق مع إيران قد يقلل تدفق الأسلحة الإيرانية للحوثيين الذين قد يجبرون فيما بعد لقبول أي تسوية سياسية أو وقف للأعمال القتالية بضغوطات إيرانية فيما بعد.
أما بالنسبة إلى سوريا، فقد جاءت هذه العلاقات بالتزامن مع تصريحات سعودية أكدت خلالها بعدم تقبل الوضع القائم في سوريا، خاصة بعد كارثة الزلزال، حيث قال وزير خارجية السعودية، فيصل بن فرحان، إن أي مقاربة جديدة ستتطلب حوارا لا محالة مع الحكومة السورية، وأشار إلى أن الدول العربية تعمل على الصياغات المناسبة بالتشاور مع الشركاء في المجتمع الدولي لحل هذا الملف.
والثلاثاء الماضي، قال وزير الخارجية السعودي، إن زيادة التواصل مع سوريا، قد يمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية مع تحسن العلاقات، بعد عزلة تجاوزت 10 سنوات، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي، مناقشة مثل هذه الخطوة.
ترحيب سوري وتحذيرات إسرائيلية
وقد تسفر عودة العلاقات بين السعودية وإيران، لعودة سوريا إلى الجامعة العربية أيضاً، حيث أن الموافقة السعودية مهمة جداً في هذا السياق بحسب ما تراه أوساط سياسية، وهو ما طلبه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقاءه بنظيره السعودي في موسكو.
بدورها رحبت الحكومة السورية باستئناف العلاقات بين السعودية وإيران، وقالت الخارجية السورية في بيان إن هذه “الخطوة المهمة ستقود إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وإلى التعاون الذي سينعكس إيجابياً على المصالح المشتركة”.
بينما اعتبرت المعارضة الإسرائيلية، الاتفاقية بين طهران والرياض “فشل ذريع لسياسة حكومة نتنياهو الخارجية، وسخرت المعارضة الإسرائيلية هذه التطورات كسلاح لشن هجوم على خصومها في الحكومة.
ويقول سياسيون أن الاتفاق بين السعودية وإيران ينظر كل بلد إليه من زاويته الخاصة، فإيران تسعى من خلال التطبيع مع محيطها الخليجي بشكل يمنع الولايات المتحدة من محاصرتها وإسرائيل من ضربها، فيما تتعامل معه السعودية على أنه ضرورة من أجل تهدئة تؤمّن لها مناخاً ملائماً للتركيز على مشاريعها الكبرى بدل تشتيت الانتباه بحرب اليمن والصراعات في سوريا والعراق ولبنان.
إعداد: علي إبراهيم