أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لم يشير البيان الختامي لاجتماعات مسار آستانا” بدورته العشرين والأخيرة في العاصمة الكازاخية، إلى أي بنود أو مؤشرات تدل على “الانسحاب التركي من الأراضي السورية” و “ووقف دعم الإرهاب” و “عدم التدخل في شؤون الدولة” كما كانت تطلب دمشق في السابق، وأصرت على مطالبها قبيل انطلاق الاجتماع.
بعد 6 سنوات.. آستانا تشهد الاجتماع الأخير
وشهدت العاصمة الكازاخية، نور السلطان، الاجتماع الأخير في سلسلة اجتماعات آستانا التي انطلقت عام 2017، بمشاركة وفود من نواب وزراء الخارجية لدول روسيا وتركيا وإيران سوريا، بمشاركة المعارضة، و وفود أممية وعراقية ولبنانية وأردنية بصفة مراقب، وهو الاجتماع الأخير لهذا المسار في آستانا.
التركيز على مناطق الإدارة الذاتية واتهامها “بالانفصالية”
وركز البيان الأخير لهذا الاجتماع، بشكل خاص على مناطق الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، دون التطرق لما يحدث في المناطق السورية الأخرى، حيث جاء في البيان الختامي لهذا الاجتماع، رفض “الحكم الذاتي” في شمال شرقي سوريا واصفة إياها “بالأجندات الانفصالية” وهي عبارة تكررت في بيانات المسار ذاته طيلة السنوات الماضية.
كما قال المجتمعون في بيانهم، أن كل الأطراف تدعم “وحدة وسلامة وسيادة الأراضي السورية”، مع بذل المزيد من الجهود لضمان تطبيق الأوضاع في منطقة “خفض التصعيد” في إدلب.
مكافحة الإرهاب.. والاستيلاء على النفط السوري وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية
وأضاف البيان الختامي أن الدول الضامنة تجدد التصميم على مواصلة العمل المشترك لمكافحة “الإرهاب” بكل أشكاله ومظاهره ورفض “الأجندات الانفصالية” الهادفة إلى تقويض سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وشدد البيان على أن الدول الضامنة تدين أنشطة التنظيمات “الإرهابية” والمجموعات المسلحة على اختلاف مسمياتها في سوريا وتجدد التأكيد على رفض العمليات غير الشرعية للاستيلاء على النفط السوري.
إضافة إلى إدانة الدول المشاركة “للاعتداءات الإسرائيلية” المستمرة على الأراضي السورية والتي تعد “انتهاكاً للقانون الدولي وسيادة سوريا ووحدة أراضيها”.
الحفاظ على “أمن دول الجوار”.. والعودة الطوعية والإفراج المتبادل عن المعتقلين
وجاء في البيان أن الأطراف المشاركة تعرب عن عزمها على الحفاظ على أمن دول الجوار و”التهديد القومي” لها بما في ذلك الهجمات عبر الحدود والتسلل.
ولفتوا إلى ضرورة دعم العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين إلى سوريا إلى أماكن إقامتهم، وضمان حقهم في العودة والحق في الدعم، ودعوا المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة اللازمة للاجئين والنازحين السوريين، والتأكيد على الاستعداد لمواصلة التعاون مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات الدولية المتخصصة.
وأضاف المشاركون أنه تم التأكيد على “مواصلة عمليات الإفراج المتبادل عن المعتقلين أو المختطفين في إطار مجموعة العمل المعنية بالإفراج عن المعتقلين والرهائن ونقل جثث الموتى والبحث عن المفقودين، والتي تعتبر آلية فريدة أكدت أهميتها وفعاليتها في بناء الثقة بين الأطراف السورية”.
وشدد البيان على أن الصراع السوري ليس له حل عسكري، مؤكداً الالتزام بالنهوض بعملية سياسية قابلة للحياة وطويلة الأجل يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة وفقا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254.
ماذا بشأن مطالب والثوابت الوطنية لدمشق ؟
ولم يشير البيان صراحة إلى الوجود التركي على الأراضي السورية، والشروط التي اعتبرتها دمشق “ثوابت وطنية التي لا يمكن التفاوض عليها”، ولا “تسمية الجماعات الإرهابية التي تستوجب محاربتها”، ولا تغيرات الوقائع على الأرض في مناطق سيطرة تركيا شمال سوريا، والتغيير الديمغرافي وتبديل العملة المحلية، وفرض التعليم باللغة والمناهج التركية وإتباع كل محافظة في الشمال بولاية تركية، والهجمات التي تشن على المناطق المدنية في شمال شرقي سوريا، وهو ما كان يأتي في حديث المسؤولين السوريين حول ضرورة تنفيذها لإعادة العلاقات مع أنقرة.
وكان معاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان، رئيس الوفد السوري لاجتماعات آستانا، أصر على أنه لطالما تركيا “تحتل أرضي سورية” فالعلاقات لن تعود إلى طبيعتها، وأنه على أنقرة الالتزام باحترام سيادة سوريا ووحدة وسلامة أراضيها والإقرار بسحب قواتها وفق جدول زمني محدد.
وقال أن تركيا لاتزال “تقدم الدعم والرعاية للمجموعات الإرهابية في إدلب”، وتابع أن عودة العلاقات بين دمشق وأنقرة ممكن لكن على تركيا الانسحاب وفق جدول زمني محدد وواضح، وشدد أن هذه لبست شروطاً بل ثوابت وطنية غير قابلة للمساومة والتفاوض.
التواجد الأمريكي العائق الأساسي للسيطرة على الشمال الشرقي
ولم يتغير الكثير في البيان الختامي للاجتماع الـ20 لمسار آستانا عن سابقيه، باستثناء التركيز على المنطقة الشمالية الشرقية السورية التي تديرها الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، حيث تعمل أطراف آستانا للسيطرة على هذه المنطقة منذ سنوات، إلا أنهم يرون أن التواجد الأمريكي هو العائق الأكبر أمام مساعيهم هذه.
وتعتبر المناطق الشمالية الشرقية السورية من المناطق الغنية في سوريا بمواردها من النفط خاصة، وتعمل أطراف آستانا على رأسها روسيا وإيران للسيطرة عليها للاستفادة على ما يبدو من نفطها ومواردها الطبيعية الأخرى، بعد استيلائهم على مقدرات وموارد وثروات الشعب السوري من موانئ ومطارات ومصانع كبيرة، وذلك في إطار تحصيل فاتورة تدخلها العسكري لجانب الحكومة السورية واستعادة السيطرة على ثلثي البلاد من المعارضة. بحسب ما تراه أوساط سياسية ومتابعة.
هل تخلت دمشق عن شروطها للتطبيع ؟
وتعتبر هذه الأوساط أنه يبدو أن روسيا نجحت في فرض التخلي عن الشروط التطبيع والصلح مع أنقرة، على دمشق، والتشارك فيما بينهم لطرد القوات الأمريكية والسيطرة على مناطق شمال شرقي سوريا ومحاربة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، وهو ما سيفتح الباب أمام صراعات جديدة في المنطقة وموجة لجوء ونزوح كبيرة، بدلاً من الحلول السياسية التي يتحدثون عنها.
إعداد: ربى نجار