أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تشهد سوريا خلال الفترة القريبة الماضية على اختلاف التقسيمات الجغرافية القائمة على مناطق نفوذ متنوعة حالة من عدم الاستقرار السياسي وربما العسكري بدء من التسويات في درعا وحالة الانفتاح المحدودة بين الحكومة السورية ودول عربية عدة الى التهديدات التركية على مناطق بريف حلب وشمال شرق سوريا بالإضافة الى حالة عدم الاستقرار التي تعيشها منطقة خفض التصعيد والتهديد المستمر باجتياح للقوات الحكومية بدعم روسي خلال فترة زمنية قريبة، يقابلها جمود سياسي متواصل من مفاوضات اللجنة الدستورية بين المعارضة والحكومة التي لم تحقق الى الان أي تقدم يذكر إلى انعدام الحوار بشكل كامل بين الادارة الذاتية في شمال وشرق سوريا والحكومة السورية.
وفي ضل هذا المشهد الضبابي التي تعيشه سوريا منذ بداية الحراك الشعبي ضد الحكومة عام 2011، تحدثت رئيسة الهيئة لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد في حوار مطول على فضائية “روناهي” حول أفاق الحوار بين الادارة الذاتية والحكومة السورية وزيارة وفد من مجلس سوريا الديمقراطية إلى كل من موسكو وواشنطن والتهديدات التركية ضد شمال وشرق سوريا.
الحوار مع الحكومة السورية
وقالت إلهام أحمد ردا على سؤال ماذا طرح الروس على مجلس سوريا الديمقراطية بخصوص مناطق شمال وشرق سوريا خلال الزيارة الاخيرة الى موسكو، إن النقاش كان فيما يتعلق بالحوار مع الحكومة السورية وكيف يمكن أن تلعب روسيا دور الضامن، كان لهم محاولات سابقة أيضاً، ولكن المحاولات لوحدها لا تكفي، يجب أن يكون الطرفين مستعدين لخوض العملية السياسية، الحكومة دائماً كان له دور سلبي في تطوير الحوار، ونحن لا نزال نرى بأن الموقف السلبي مصدره الحكومة أي أننا لم نجد بوادر بأن الحكومة السورية ستنخرط ضمن عملية سياسية جادة أو حوار سياسي جاد، سواء بما يخص مناطق شمال شرق سورية أو الأزمة في البلاد بشكل عام، لذلك نحن طرحنا عليهم كيفية لعب دور بالضغط على الحكومة السورية ويكونون ضامنين لحوار سياسي، وهم أبدوا استعدادهم للقيام بهذا الدور، حيث رأينا هذه النية من جهتهم سابقاً كانت موجودة والآن أيضاً، ولكن هل سيبدأ الحوار من الملف الاقتصادي أو التعليمي أو ما شابه، هذه الأمور سيتم متابعتها في المرحلة القادمة.
وفيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة بالحوار بين الادارة الذاتية والحكومة السورية، أكدت “أحمد” بانهم يسعون لأن يكون للولايات المتحدة دوراً في تطوير هذا الحوار وأن يضغطوا على الروس والحكومة لقبول الحوار أو للدخول إلى عملية سياسية جادة، والسبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية هو الحوار الداخلي، فالعمل ضمن هذا الإطار سيريح العديد من القوى والدول المتداخلة في الشأن السوري، استمرار الصراع لن يخدم إلا الأطراف التي تسعى لاستمرار النزاع وإنهاء حالة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ونحن مستمرون مع الولايات المتحدة في هذا الاتجاه، ولكن يجب التمييز بين تعويم الحكومة السورية بما هي عليه وتطوير الحوار هناك فرق، نحن لسنا مع تعويم الحكومة فتعويمها يعني قبولنا فيها كما هي والاستمرار في الأزمة وعدم الخوض في العملية السياسية، فنحن لا نريد أن يعود الوضع إلى فترة ماقبل 2011، إنما نسعى لعملية تغيير جادة وديمقراطية في سوريا، والعملية السياسية ستخدم في هذا الاتجاه، ونحن طلبنا من الروس والأمريكان أن يلعبوا هذا الدور.
كما أشارت إلهام أحمد، أن الادارة الامريكية على علم بشكل وآلية التواصل مع الحكومة، وهم على علم بجميع اللقاءات التي حدثت، وهذا لا يعني أن الأمريكان هم من يديرون هذه العملية، العلاقة بيننا والولايات المتحدة، لاتدخل في إطار “الآمر والمأمور”، إنما هي علاقة احترام بما أنهم متواجدون في المنطقة ولدينا شراكة قوية بمحاربة الإرهاب، نسعى إلى أن تكون هناك شراكة قوية في تطوير الحل السياسي أيضاً وللانتقال إلى هذا النوع من العلاقة، فمن الطبيعي وجود طرفين ذو إرادة ونحن نمتلكها في اتخاذ القرار وتصب في مصلحة السوريين وسكان المنطقة، وهم يحترمون هذا القرار وترحيبهم بأي حوار أو لقاء، يمكن أن يصب في خدمة إنهاء الأزمة السورية، وهو أمر جيد.
الحوار مع تركيا
أما بخصوص الحوار مع جميع الأطراف بما فيهم تركيا، قالت رئيس الهيئة التنفيذية في “مسد” إن إنهاء تواجد القوات التركية من المناطق التي تسيطر عليها هو من أولوياتنا وإن كان هذا عن طريق الحوار نحن منفتحين للحوار، لإنهاء ذلك وفتح الطريق أمام عودة السوريين والكرد إلى مسكنهم الأصلي. والدول أيضاً مسؤولة في هذا الموضوع، خاصة الطرفين الروسي والأمريكي، وباعتبار أن تركيا لا زالت عضو في الناتو والتحالف الدولي، فتلك الدول أيضاً مسؤولة. لذا من الضروري إيقاف الهجمات التركية على الشعب الكردي بشكل عام، فهي تهاجم بذريعة محاربة الإرهاب وهي تنظر إلى أي كردي على أنه إرهابي، وتستهدف وجوده وكيانه وتاريخه وكل مايخص الشعب الكردي وتسعى لإنهاءه وتستهدف كل من يتعاون مع الكرد أيضاً، لذلك العربي الذي يتعاون وضمن الاتفاق السوري معنا، هو مستهدف، والسرياني كذلك الأمر ومن الضروري إنهاء هذه السياسة العدوانية للدولة التركية تجاه الشعب الكردي وكل مكونات المنطقة.
المباحثات في موسكو وواشنطن
وأكدت الهام احمد ان التواصل مع العالم الخارجي دائماً كان موجود، وفي هذه الفترة حدثت زيارة فيزيائية من قبل وفدنا إلى كل من موسكو وواشنطن، ومن الممكن أن تكون هناك زيارات أخرى إلى دول مختلفة. توقيت الزيارة مهم بالنسبة إلى الأوضاع السياسية التي تشهدها سوريا على الصعيدين الإقليمي والدولي. حيث بدأت محادثات بين الطرفين الروسي والأمريكي فيما يخص الملف السوري، وكان من الضروري أن نكون موجودين ضمن هذه المحادثات بشكل أو بآخر، فالتواجد والمشاركة في هذه المحادثات هام جداً بالنسبة لنا، خاصة في مجال طرح الحل السياسي وآليته وإمكانية الوصول إلى تفاهمات سياسية، بما يخص الأزمة السورية، هذا مهم جداً. هذه الزيارة أتت في هذه المرحلة، خاصة أن الصراع وصل إلى مرحلة “التجميد”، بالتالي كان من الضروري طرح مواضيع مهمة جداً من طرفنا للمجتمع الدولي، ليتم الاهتمام بها ومناقشتها ووضعها على الطاولة بين الأطراف الموجودة والمتدخلة في الشأن السوري، حيث أن مستوى التأثير الروسي في الملف السوري مهم جداً، خاصة أنها موجودة منذ عدة سنوات، والملف السياسي بيدها حالياً، وهي على تواصل وأيضاً داعمة لطرف الحكومة السورية بشكل مستمر كما هو معروف بذلت روسيا جهود أكثر مما هو موجود، وبإمكانها أن تلعب دور للانتقال إلى حل سياسي، حتى الآن تركز الدور الروسي على الجانب العسكري وكيفية فرض سيطرة الحكومة على كامل الأراضي السورية ولكن في الجانب السياسي كان هناك ضعف، خاصة من ناحية الضغط على الحكومة وإجبارها على الجلوس على طاولة المفاوضات وكيف يمكن للحكومة الانخراط في الحل السياسي. ومن الضروري انتقال الروس إلى هذه المرحلة، باعتبار أن الملف السوري وما يدور فيه من صراعات وصل إلى مرحلة “لايمكن التقدم فيه لأكثر من ذلك في المجال العسكري”، إنما لعب الدور السياسي والانشغال بالملف السياسي، سيفتح الطريق أمام الحلول العسكرية أي أنه سينهي الأساليب العسكرية في تصفية الحسابات، وفي إنهاء الأزمة السورية.
الدور الأمريكي والروسي
وتابعت إلهام أحمد، الوضع السوري وصل إلى مرحلة يصعب فيه مقايضة المناطق، والاستمرار في تبادل منطقة بأخرى، الوضع لم يعد يحتمل هكذا اتفاقات، من الضروري البحث عن حلول جذرية بخصوص الحل في سوريا بمعنى إن تحدثنا عن درعا فلابد من وجود حل جذري، وكذلك بالنسبة لشمال وشرق سوريا، وهكذا بالنسبة لإدلب والمناطق الأخرى أيضاً. فالحلول الجزئية لاتؤدي إلى حل شامل، ونحن رأينا أن الروس كانوا مهتمين إلى الآن بكيفية فرض سيطرة الحكومة على كامل الجغرافية السورية، خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة الفصائل وهذا ما نراه في إدلب في الفترة الأخيرة، لذلك نرى بأنه من الضروري البحث عن حلول جذرية بما يخص الملف السوري.
كما هناك دور الولايات المتحدة أيضاً بعدم فتح مجال أمام هجوم تركي جديد على المنطقة. فنحن رأينا نتيجة الهجوم السابق في عام 2019 والكارثة التي حلت بالمنطقة. فهذا يضر بمصلحة الأمن الدولي بشكل عام. فعندما يكون هناك تصعيد تركي، الخلايا النائمة لداعش تنتعش من جديد وتبدأ بتنفيذ العمليات، بالتالي تزداد التهديدات من أطراف أخرى متربصة بالمنطقة. لذلك نرى من الضروري أن تتحمل الولايات المتحدة مسؤوليتها بعدم فتح مجال أمام أي هجوم تركي، سواء في مناطق شمال شرق سوريا أو غيرها. لذا يجب إغلاق الطريق أمام الحجج التركية، فهي دائما تتحجج “بالحفاظ على الأمن القومي التركي”. هنا أنا أسأل، إن كان لتركيا أمن قومي داخلي، هل ليس لدينا أمن وطني؟ نحن السوريون لدينا أمن وطني، على تركيا أن تراعي أمننا الوطني أيضاً، فأي هجوم تركي، سنعتبره تهديد ضد الأمن الوطني السوري وسنقوم بواجبنا تجاه أي هجوم تركي.