أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – جولة أخرى سياسية وربما عسكرية ستشهدها سوريا بعد الانتخابات الرئاسية، لعل أبرز معالم هذه المرحلة تتمثل في تحديات ستواجه الرئيس السوري اقتصادية منها وسياسية وقد تحمل طابع عسكري بحسب التوافقات بين الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في المشهد السوري.
وتجري الانتخابات الرئاسية في سوريا خلال المرحلة الحالية ضمن أوضاع تبدو نسبياً أفضل من سابقتها عام 2014، حيث نجد ثبات في مناطق السيطرة بين الحكومة السورية والمعارضة وقوات سوريا الديمقراطية مع تغييرات أسفرت عن سيطرت القوات التركية على مناطق عدة في الشمال السوري خلال السنوات القريبة الماضية .. فيما بقيت الحلول السياسية بعيدة المنال عبر فشل اجتماعات اللجنة الدستورية والتي ضمت وفود عن الحكومة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني كما غيبت الطرف الثالث الموجود في شمال شرق سوريا والمتمثل في مجلس سوريا الديمقراطية.
وخلال حديث خاص مع رئيس حزب سوريا المستقبل، إبراهيم قفطان، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” تساؤلات عدة، حول التحديات التي ستواجه الرئيس السوري بعد الانتخابات الرئاسية، ومدى قدرة روسيا على إيجاد حل سياسي توافقي بين كافة الأطراف، وهل ستتصف مرحلة ما بعد الانتخابات بالانفتاح السياسي والدعم المادي واضح المعالم من قبل دول المنطقة للحكومة السورية.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع إبراهيم القفطان:
ماهي التحديات التي سيواجهها الرئيس السوري بعد الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية الشهر الجاري؟
التحديات التي يواجهها بشار الاسد والحكومة السورية كثيرة منها ما هو على الصعيد الداخلي والصعيد الخارجي، استمرار “الاسد” يعني بقاء حلفائه الروس والإيرانيين في سوريا، كون الأسد هو من وجّه لهم الدعوة، وبقاؤه في الحكم يعني شرعنة وجودهم العسكري، رغم ان الانتخابات بالنسبة له حالة مصيرية لان نظامه قائم على فكرة الأبدية وبمجرد مغادرته للسلطة، ستفتح عليه أبواب المحاسبة، بينما توفر الانتخابات قدراً من الشرعية يحتاجها كدرع حصانة تقيه من المساءلة القانونية، ويبرر بها استمرار بقائه في الحكم، علماً أن الانتخابات ليست ضرورة قصوى تقتصر على النظام وحده، بل إن الروس والإيرانيين يبدون أكثر إصراراً على إجرائها، فأي حل أو مسار آخر غير الانتخابات سيشكل مشكلة إضافية جديدة لهم، في وقت هم فيه عاجزون عن تقديم أي حل أو حتى رؤية لحل الأزمة السورية، سوى اللعب ببطاقة استمرار “الأسد” في الحكم رغم كل ما حصل في سوريا .
من ناحية ثانية بخصوص درعا والسويداء ومنطقة شرقي الفرات التي باتت تشكل هذه المناطق بيضة القبان في سوريا إن كانت على صعيد الانتخابات الرئاسية او في الحل السوري وهي المناطق الأكثر حساسية وهناك كثير من الاطراف مقاطعة للانتخابات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة مثل الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود”.
أما فيما يتعلق بالجانب الدولي، ليس هناك اي اعتراف بهذه الانتخابات لمخالفتها القرار الاممي ٢٢٥٤ إضافة إلى الأوضاع الإقتصادية المتردية، في حين ان الإحصائيات تؤكد أن العدد الإجمالي المفترض لسكان سوريا ٢٢ مليون شخص، وعدد السوريين في الداخل ١٦ مليون، يعيش منهم في مناطق سيطرة الحكومة نحو ٩ مليون، أي ما يقارب 55 % من إجمالي عدد السكان، منهم نحو ٤٠ % تحت السن القانوني للانتخاب، بحسب بيانات الأمم المتحدة، أي أن من بقي ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات المزمع إجراؤها نحو ٥ مليون شخص .
هل هناك خطة موضوعة من قبل الرئيس السوري لإستعادة المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية بعد الإنتخابات؟
من خلال تصرفات “الاسد” ليس هناك أي خطة لاستعادة المناطق لأن كل ما نراه هو عكس حالة الوحدة في الأراضي السورية وماهو ظاهر تقسيم سوريا الى 3 او 4 أقسام إذا استمر “النظام السوري” بهذه العقلية .. عقلية أنا أو لا أحد وإن كان حقاً يريد عودة سوريا إلى وحدتها عليه بإجراء حوار بين كافة الأطراف السورية والعودة إلى قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالشأن السوري وأهمها القرار ٢١١٨ والقرار ٢٢٥٤، وليس اللجوء إلى الانتخابات ونصف الشعب السوري لن يشارك في هذه الانتخابات وأكثر من ٤٠ بالمئة من سوريا خارج سيطرة الحكومة، لذلك نحن لا نرى اي عودة للمناطق الواقعة خارج سيطرة “النظام” إلى سوريا الموحدة.
هل ستتصف مرحلة ما بعد الانتخابات بالانفتاح السياسي والدعم المادي واضح المعالم لعدد من دول المنطقة للحكومة السورية؟
أي انفتاح سياسي نحن نتحدث عنه وليس هناك اي أجواء حقيقية او اعتراف دولي ولدى الأطراف السورية في الداخل والخارج بخصوص الانتخابات، والكل يعلم بأن حالة الإعمار وعودة المهجرين والدعم المالي مرتبط بتطبيق القرار الأممي ٢٢٥٤ وأن يكون هناك بيئة أمنة لعودة السوريين وهناك أيضاً بند مهم وهو مصير المفقودين والمغيبين في السجون السورية، لن يكون هناك اي دعم مالم يكن هناك حل سياسي رغم السعي الجاد من قبل روسيا وايران لإعادة تعويم “النظام” وعودته إلى الجامعة العربية وفتح سفارات لبعض الدول.
روسيا دعمت الانتخابات الرئاسية السورية .. فهل سيكون ذلك بداية سعي موسكو لإيجاد حل سياسي توافقي بين كافة الأطراف بعد الانتخابات؟
لاشك أن روسيا حليف استراتيجي تسعى لمصالحها في سوريا بعد فقدانها للعراق وليبيا وهي تسعى لأن يكون هناك حكومة أمر واقع لمدة 7 سنوات اخرى، لكن ليس بهذه الطريقة وهو أن يكون هناك انتخابات خارج إرادة الشعب السوري أولا وتحت رعاية الامم المتحدة، لكن ما هو الحل التوافقي التي تسعى له روسيا بعد تدمير البنية التحية والاقتصاد السوري التي تجاوزت خسائره اكثر من ٤٥٠ مليار دولار .
حوار: يعقوب سليمان