أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – أدى التدفق الكبير للاجئين والمهاجرين نحو دول الاتحاد الأوروبي؛ الهاربين من الحروب والصراعات المسلحة في بلدانهم، والأزمات الإنسانية والاقتصادية والمعيشية والباحثين عن الأمن والاستقرار والمستقبل بعد فقدانهم للأمل في أوطانهم، إلى ايقاف استقبال المهاجرين من قبل بعض الدول، وتشديد بعضها الآخر لشروط منح صفة اللجوء وشكوى تلك التي تعتبر من دول العبور، وسط بتحمل الأعباء.
أوروبا الملاذ الآمن.. واتفاق على تقاسم الأعباء
وخلال السنوات الماضية ومع كثرة الأزمات والحروب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عجت الدول الأوروبية وحدودها بالمهاجرين واللاجئين منهم غير شرعيين ومنهم بقيوا على الحدود وفي المخيمات، هؤلاء قدموا طلبات لجوء في الدول الأوروبية، وفي ظل الأنظمة السابقة كانت تحصل مغالطات كثيرة حول من يتم قبوله، ومن يتم ترحيله.
ورأى الاتحاد الأوروبي أنه يجب على الدول الأعضاء تقاسم الأعباء التي يشكلها اللاجئون القادمون للقارة العجوز، ولهذا دخلت هذه الدول يوم الخميس الماضي في مفاوضات وصفت “بالشاقة” للوصول إلى اتفاق يرضي دول العبور وتلك التي تستقبل اللاجئين ومن ترفض استقبالهم.
وأعلنت دول الاتحاد الأوروبي عن توصلها لاتفاق حول تقاسم مسؤولية رعاية اللاجئين والمهاجرين، يقضي بوجوب تقاسم أعباء المهاجرين وطالبي اللجوء الواصلين حديثاً على دول الاتحاد، على أن تدفع الدول الرافضة للمشاركة بتلك الآلية 20 ألف يورو عن كل مهاجر للدولة التي يتواجد بها.
كما اتفق وزراء داخلية التكتل على وجوب التسريع بالبت بطلبات اللجوء، خاصة لمن هم غير مؤهلين للحصول على تلك الصفة، تمهيدا لترحيلهم.
السوريون بالمرتبة الأولى عربياً وعالمياً طلباً للجوء في أوروبا
وكانت أوروبا مقصداً لملايين السوريين الذين فروا من هول المعارك والأوضاع السيئة (على جميع الأصعدة) في وطنهم، حيث احتلوا المرتبة الأولى عربياً وعالمياً بعد العراق والمغرب (عربيا) بتقديم طلبات اللجوء إلى أوروبا.
وبحسب آخر تقرير حول عدد طالبي اللجوء السوريين لدى دول الاتحاد الأوروبي في 2022، وصل العدد إلى نحو 131 ألفا و700 طلب، وهو الرقم الأكبر عربياً وحتى دولياً بالنظر إلى الأوضاع السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد منذ بداية الأزمة في 2011.
هذا الرقم تضاعف بشكل كبير في 2022 مقارنة بـ2020، الذي سجل 64 ألفاً و540 طلباً، وهو الرقم الأدنى منذ بداية الدراسة في 2014، علما بأن ذروة طلبات اللجوء كانت في 2015 عندما تم تسجيل أكثر من 371 ألف طلب.
وما يمكن اعتباره مثيراً للاهتمام أن 94بالمئة من طالبي اللجوء السوريين تم قبول طلباتهم، وهو المعدل الأعلى عربياً ودولياً، على الرغم من أن المعدل الأوروبي لقبول اللاجئين يبلغ 40 بالمئة فقط، ناهيك عن وجود أكثر من 88 ألف طلب آخر من طلبات اللجوء السورية ما زالت معلقة.
ويفتح الاتفاق الذي تم التوصل إليه الخميس المجال أمام مفاوضات في البرلمان الأوروبي بغية تبني الإصلاح قبل الانتخابات الأوروبية المقررة في حزيران/يونيو 2024.
ألمانيا: اتفاق تقاسم الأعباء قرار تاريخي
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية (أكثر دولة أوروبية استقبلت السوريين) نانسي فيزر، “ليست هذه قرارات سهلة بالنسبة لجميع الجالسين إلى الطاولة، لكنها قرارات تاريخية”، وشددت على ضرورة “عدم إخضاع العائلات التي لديها أطفال صغار السن لآلية الحدود”.
بدورها رحبت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية يلفا يوهانسون بالاتفاق، الذي وصفته بأنه “خطوة مهمة جدا” لميثاق اللجوء والهجرة الذي قدمته المفوضية الأوروبية في أيلول/سبتمبر 2020.
اتفاق مرن يرضي كافة الأطراف
وأثناء النقاشات، أعلنت 10 دول من بينها (إيطاليا واليونان) معارضتها أو تحفظها على المقترحات، ما اضطر المفوضية إلى إعداد نص جديد لاسترضاء أكبر عدد ممكن من البلدان، وعلى رأسها تلك التي تطل على البحر المتوسط وتعتبر من “بلدان المرور”.
وتوافقت الدول على أحد النصوص، والتي ستلتزم به دول الأعضاء باستقبال عدد معين من طالبي اللجوء الذين يصلون إلى إحدى الدول الأوروبية المعرضة لضغط الهجرة، أو تقديم تعويض مالي للبلد المعني قدره 20 ألف يورو عن كل طالب لجوء.
وهذا النص يحاول تحقيق توازن بين دول البحر المتوسط والدول التي ينتقل إليها المهاجرون والتي ترفض استقبالهم مثل المجر وبولندا.
أما النص الآخر فيلزم الدول الأعضاء تنفيذ إجراءات مسرعة لمراجعة طلبات اللجوء لبعض المهاجرين غير المؤهلين بشكل واضح للحصول على هذه الحماية، لأنهم يأتون من بلد يعتبر “آمنا”. ويهدف ذلك إلى تسهيل إعادتهم إلى بلدانهم.
إعداد: ربى نجار