أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد أشهر من آخر هجوم واسع وشامل شنته القوات التركية ضد أهداف وبنى تحتية في مناطق الإدارة الذاتية وسوريا الديمقراطية “قسد” العام الماضي، عاودت طائرات حربية ومسيرة تركية قصفها العنيف على منشآت خدمية ومحطات توليد الطاقة والمياه والمصانع والمعامل وآبار النفط وأهداف عسكرية أخرى في هذه المناطق، فيما أعلنت أنقرة عن شنها لعملية عسكرية جوية في شمال سوريا وسط الحديث عن عدم استبعاد شن “عمل عسكري بري”.
تهديدات مباشرة باستهداف البنى التحتية
التصعيد التركي جاء بعد نحو 48 ساعة من تهديدات مباشرة أطلقها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، بأن بلاده ستقوم بشن ضربات موسعة ضد البنى التحتية في شمالي سوريا، وذلك بعدما حملت أنقرة، الإدارة الذاتية مسؤولية عبور مسلحين من “حزب العمال الكردستاني” عبر أراضيها إلى الداخل التركي، واللذان قاما بتنفيذ هجوم على مقر الأمن العام في وزارة الداخلية التركية في أنقرة قبل أيام.
قسد تنفي الاتهامات التركية.. “استهداف البنى التحتية جريمة حرب”
الاتهامات التركية نفتها قوات سوريا الديمقراطية، على لسان قائدها العام، الذي أكد أن الاتهامات التركية باطلة، وقال أن “منفذو هجوم أنقرة لم يمروا من مناطقنا كما يزعم المسؤولون الأتراك، كما أننا لسنا طرفاً في الصراع الداخلي التركي”، وشدد على أنهم لا “يشجعون على تصاعد وتيرته”.
وأضاف القائد العام لقسد، أن “تركيا تبحث عن ذرائع لشرعنة هجماتها المستمرة على مناطقنا وشن عدوان عسكري جديد، وهذا يثير قلقنا العميق”.
واعتبر أن “استهداف البنية التحتية والمصادر الاقتصادية للمنطقة والمدن الآهلة بالسكان يعد جريمة حرب”، وطالب المجتمع الدولي والأطراف الضامنة لاتخاذ موقف وضمان الاستقرار في المنطقة.
وبدأت القوات التركية تصعيدها العسكري غير المسبوق على الشمال الشرقي منذ ساعات مساء الثلاثاء، حيث طالت الهجمات التي نفذت عبر الطائرات المسيرة والحربية منشآت خدمية ومصانع ومعامل وآبار نفط وسدود ومحطات تحويل للكهرباء والمياه، وتركزت بشكل خاص في ريفي الحسكة والقامشلي، إضافة لمناطق أخرى في عين العرب “كوباني” وريف عفرين.
كما تعرضت قرى في أرياف مدن عين العرب “كوباني” و تل أبيض “كري سبي” و عين عيسى، بالإضافة لقرى شمال حلب وريف منبج، بينها نقاط عسكرية لقوات الحكومة السورية، لقصف مدفعي وصاروخي مكثف من قبل القوات التركية.
أنقرة لا تستبعد القيام “بعمل عسكري بري”
الضربات الجوية قد لاتكون خيار أنقرة الوحيد هذه المرة، حيث لم يستبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر، امكانية أن تقوم بلاده بشن عملية عسكرية برية، مؤكداً في تصريحات نقلتها وكالة “رويترز”، أن “شن عملية برية في سوريا من الخيارات التي قد تبحثها تركيا، بعد أن خلصت إلى أن مهاجمين اثنين فجرا قنبلة قرب بنايات حكومية مطلع الأسبوع أتيا من سوريا”.
وأردف، “هدفنا الوحيد هو القضاء على المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديداً لتركيا. عملية برية هي أحد الخيارات للقضاء على هذا التهديد، لكنها ليست الخيار الوحيد بالنسبة لنا”. حسب قوله.
الإدارة الذاتية تطالب بتحرك دولي لوقف استهداف البنى التحتية
بدورها طالبت الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، من المجتمع الدولي وضع حد “لجرائم الاحتلال التركي”، وقالت أن هذه الهجمات “ستؤثر على عمليات قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي لضرب خلايا داعش”، ولفتت على لسان “الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي حسين عثمان، أن الهجمات التركية تأتي ضمن “سياسة العداء والجرائم والاعتداءات التي تمارسها” في المنطقة.
وطالبت القامشلي من القوى الدولية “بالوقوف في وجه الاعتداءات التركية ووضع حد لهذه الانتهاكات، عبر سوق ادعاءات زائفة وباطلة اتهمت فيها الإدارة الذاتية من أجل تصدير مشاكلها الداخلية وتأليب الرأي العام لديها ضد هذه المناطق”، وأكدت أن ما يحصل “جريمة حرب واضحة”.
قسد: نملك خيارات عدة للرد
وخلال تصريحات لوسائل إعلامية محلية، قال مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية فرهاد الشامي، أن تركيا تسعى “لخلق حالة من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة”، مشدداً على أن هدفها استهداف المنشآت المدنية لإصابة أكبر قدر من المدنيين، وأضاف أن لقواتهم خيارات كثيرة للرد، وأن ما تعمل “سوريا الديمقراطية” لأجله يصب في ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة والإقليم.
كما حذر مدير المركز الإعلامي لقسد من أن استمرار الهجمات التركية على شمال شرقي سوريا قد يؤثر على الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي وخلاياه النائمة في المنطقة.
واشنطن قلقة إزاء التصعيد العسكري التركي.. “خطر على المدنيين ويقوض الحرب ضد داعش”
الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود التحالف الدولي ضد داعش، وقوات سوريا الديمقراطية شريكة له على الأرض، عبرت عن قلقها إزاء التصعيد العسكري في مناطق الإدارة الذاتية.
وفي هذا السياق، قال نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لملف سوريا، في مكتب شؤون الشرق الأدنى “إيثان داس غولدريتش”، أن التصعيد التركي الأخير يسهل من تحركات داعش في المنطقة، وحث تركيا على التوقف فوراً.
وحذر المسؤول الأمريكي من أن استهداف المنشآت الحيوية سيعقد من الأوضاع الخدمية والاقتصادية للسكان البالغ عددهم 5 ملايين نسمة بشكل أكبر، مؤكداً استمرار الشراكة مع قسد في مكافحة داعش وضمان الهزيمة النهائية له، لافتاً إلى أن السيناريوهات التي تطرحها أنقرة غير مقبولة.
وسبق أن أسقطت قوات التحالف الدولي، طائرة مسيرة تركية من نوع بيرقدار، وذلك خلال اقترابها بشكل خطير نحو القاعدة العسكرية للتحالف في منطقة تل بيدر شمال الحسكة.
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية الخبر، في وقت نفته نظيرتها التركية، وقال البنتاغون، أن القادة على الأرض في شمال شرق سوريا قرروا إسقاط المسيرة التركية التي كانت تشكل خطراً على القوات الأمريكية في تلك المناطق.
إعداد: ربى نجار