أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد أيام من إعلانه بأنه قد يوجه دعوة رسمية للرئيس السوري بشار الأسد في أية لحظة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه كلف وزير الخارجية هاكان فيدان، الذي كان في الحكومة الماضية رئيس جهاز الاستخبارات في تركيا، بالتحضير وعمل الترتيبات اللازمة لعقد اللقاء مع الأسد، تزامن ذلك مع خروج تظاهرات غاضبة جديدة في الشمال السوري ضمن مناطق سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها رفضاً للتطبيع والعنصرية الممارسة بحق اللاجئين.
من أمام دول الناتو.. أردوغان يعلن دعوة الأسد للقاء
وكلف إردوغان، وزير خارجيته فيدان، بالعمل وترتيب الأمور اللازمة لعقد اللقاء بينه وبين الرئيس السوري، بعد قطيعة سياسية دامت 13 عاماً، ودعم تركي بشتى أنواع الدعم العسكري واللوجستي والسياسي للمعارضة العسكرية والسياسية التي كادت تطيح بالنظام الحاكم في البلاد لولا التدخل الإيراني والروسي، والاتفاقات التي تلت ذلك في إطار ما يسمى “بمسار آستانا” وتسليم المناطق تلو الأخرى لدمشق وروسيا.
“اللقاء في تركيا أو دولة ثالثة.. ونريد تجاوز السلبيات”
وقال إردوغان “قبل أسبوعين دعوت الأسد لعقد لقاء في بلادي أو في دولة ثالثة، وتم تكليف وزير خارجيتنا العمل على هذه القضية”، وأضاف، خلال مؤتمر صحافي عقده في واشنطن ليل الخميس – الجمعة عقب انتهاء القمة الـ75 لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، “نريد إطلاق عملية جديدة وتجاوز السلبيات في العلاقات مع سوريا”.
وتعد التصريحات التركية الرسمية من أمام دول الحلف التي ترفض التطبيع مع دمشق إلا في حال تحقيق الحل السياسي وفق القرار 2254، كرسالة مباشرة لدول الحلف بأن تركيا ماضية في شؤونها دون العودة لحلفائها في الناتو، فيما لم تبدي أي دولة اعتراضها ولم تبدي أي موقف حيال تصريحات الرئيس التركي التي جاءت في ظل ترحيبه بلقاء الأسد منذ أسبوعين.
وقال أردوغان، الأحد الماضي، إن تركيا تنتظر اتخاذ الأسد خطوة لتحسين العلاقات معها، حتى تستجيب “بالشكل المناسب”، وأضاف “دعوتنا للأسد قد تحدث في أي وقت، لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نهج لعقد اجتماع في تركيا، ولرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وجهة نظره الخاصة في هذه القضية، نحن نتحدث عن الوساطة في كل مكان، لكن لماذا لا نتحدث مع من هم على حدودنا، مع جيراننا”؟.
“روسيا رفضت عقد لقاء أردوغان بالأسد في بغداد”
وسبق أن أعلنت بغداد إنها ستستضيف اجتماعاً بين مسؤولين سوريين وآخرين أتراك لحل الخلافات وتقريب وجهات النظر، بينما أكدت تقارير إعلامية عن عدم ترحيب روسيا بهذه الخطوة، وإمكانية أن يكون اللقاء بين الأسد وأردوغان في العاصمة العراقية، وتفضيله عقد اللقاء في تركيا، وهو ما حمل أردوغان لتكرار تصريحاته ودعوته أكثر من مرة وفي “أية لحظة”.
وفشلت كل الجهود والمساعي الرامية لإعادة تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا من قبل روسيا والتي انضمت إيران إليها فيما بعد، بسبب الخلافات العميقة بين دمشق وأنقرة، حيث تشترط دمشق بأن تنسحب تركيا عسكرياً بشكل كامل من الأراضي السورية، وأن تتوقف عن “دعم الإرهاب” في إشارة إلى فصائل المعارضة و “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” والمعارضة السياسية أيضاً، مع ضرورة أن لا تتدخل أنقرة في الشؤون الداخلية السورية، بينما ترفض الأخيرة ذلك وتقول إن تواجدها العسكري في سوريا هو “لحماية أمنها القومي”.
عودة الاحتجاجات الرافضة للتطبيع والعنصرية في الشمال
وفي غضون ذلك، وبعد تصريحات أردوغان بدعوة الأسد لزيارة بلاده، خرجت تظاهرات جديدة في المدن والمناطق التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية لها في الشمال السوري، رفضاً للتطبيع والعنصرية الممارسة بحق السوريين، شارك فيها المئات.
وهاجم المتظاهرون الذين تجمعوا تحت شعار “جمعة النظام التركي قائد التطبيع والقادة العبيد أدوات التسليم”، بحسب ما ذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، مكتب ما يعرف “بالحكومة السورية المؤقتة” في مدينة إعزاز، وقاموا بإنزال علم “الائتلاف”.
“حصر دور تركيا بالقواعد وحل وإلغاء الائتلاف”
ورفع المتظاهرون لافتات تؤكد رفضهم للمصالحة تشكك في نفس الوقت في أهداف تركيا من التطبيع، مطالبين بفتح تحقيق حول حوادث إطلاق النار على المتظاهرين ومحاسبة الفاعلين وتعويض المتضررين في الاحتجاجات السابقة، ورفض خطوات التطبيع وفتح المعابر بين مناطق المعارضة والحكومة، وحصر الوجود التركي بالقواعد العسكرية وعدم التدخل والتحكم في إدارة المنطقة، ووقف الانتهاكات تجاه اللاجئين في تركيا، وإلغاء الائتلاف وجميع الهيئات والمؤسسات المنبثقة عنه، والعمل على تشكيل هيئة عليا لقيادة الثورة ينبثق عنها مجالس تتناسب مع متطلبات الثورة.
مخاوف شعبية.. وهدف تركيا الأول من التطبيع
وتتخوف الأوساط الشعبية في هذه المناطق من تخلي تركيا عنهم في حال تطبيع العلاقات مع دمشق، وتسليم المناطق واحدة تلو الأخرى كما حصل في المناطق السورية قبل سنوات في إطار ما يعرف “بمسار آستانا”، وسط التشديد على إن ما جرى في السابق قد يتكرر الآن مرة أخرى.
وترغب تركيا في الدرجة الأولى من مسألة التطبيع مع الحكومة السورية، بإن تغير نظرتها للإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية ومن بينها وحدات حماية الشعب YPG، مع تعديل الاتفاقات الأمنية أو عقد اتفاقات جديدة تسمح لتركيا بالتوغل بشكل قانوني وشرعي ضمن الأراضي السورية لمحاربة السلطات في “الإقليم” الشمالي الشرقي، وقد يكون ثمن ذلك في حال موافقة دمشق، تسليم الشمال الغربي بشكل كامل، وفق ما يعتقد خبراء ومحليين سياسيين.
إعداد: علي إبراهيم