أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يرى المحلل العسكري أحمد رحال أن تركيا أحرجت روسيا بشكل كبير فيما يتعلق بالعملية العسكرية في إدلب من خلال دعم المعارضة المسلحة وتغيير موازين القوى لصالح المعارضة. كما استبعد احتمال سيطرة روسيا أو الجيش السوري على إدلب.
خلفت العملية العسكرية التي أطلقها الجيش السوري بدعم من الطيران الروسي في ريف إدلب شهراً ونصف الشهر. التحرك العسكري الذي لم يتعدى عمليات كر وفر بين الجيش السوري والفصائل المسلحة الموالية لتركيا، لا يبدوا أنه يميل لصالح أي من الطرفين. في مشهد يقول مراقبون أنه مدروس ومخطط.
وفيما ذهب بعض المراقبين إلى احتمال تراجع الدور التركي بالتزامن مع تقدم القوات الحكومية في عدد من المحاور، فإن آخرون يذهبون إلى خلاف ذلك ويقولون أن تركيا لا تزال اللاعب الاساسي في محور إدلب خاصة بعد أن أدى الدعم العسكري التركي لفصائل المعارضة إلى تغيير الموازين ميدانياً خلال الأسابيع المنصرمة.
ولإلقاء المزيد من الضوء على المشهد الميداني في إدلب ومآلاته، حاورت أوغاريت بوست العميد الركن احمد رحال المحلل العسكري والاستراتيجي والقائد السابق لجبهة الساحل.
– إدلب كانت ضمن مناطق خفض التصعيد وفق اتفاق روسي تركي إيراني، لماذا قررت روسيا والحكومة السورية السيطرة عليها ؟
روسيا كانت ولازالت تقول انها مع الحل السياسي، لكنها على ارض الواقع تتعامل بمعايير عسكرية، وبالأدوات العسكرية، أرادت ضم مناطق ما سمي بخفض التصعيد، والتهمت معظم المناطق وبقيت إدلب، وهي بالتالي تريد أن تضم تلك المنطقة، لكن عندما فشلت في آستانا وسوتشي بعملية الضم والسيطرة، عادت إلى ديدنها الأول وهو العمل العسكري، هذه نقطة.
التنقطة الثانية، أن موسكو تريد أن تعاقب أنقر على التقارب الأمريكي التركي، شرقي الفرات، وبالتالي كان هذا الانقضاض، روسيا منذ الأساس لا تريد لهذه الجبهة ان تبقى ساكنة، شرط وقف إطلاق النار الذي وقع في سوتشي في أيلول/سبتمبر الماضي، لم يطبق نهائياً، المنطقة العازلة لم تطبق، سحب السلاح الثقيل من جانب النظام لم تتطبق، فقط طبقت من جانب المعارضة، حتى هيئة تحرير الشام سحبت أسلحتها الثقيلة، وبالتالي روسيا لم تطبق ماهو مطلوب، اضافة إلى أن تركيا لم تستطع أن تبعد التنظيمات الموضوعة على قوائم الإرهاب . لكن بالمطلق أستطيع القول أن روسيا هذا ما كانت تبحث عنه. تصعيد عسكري في النهاية وقلب الموزاين، وهي تريد الوصول للطرق الدولية وتريد تسيير الدوريات، وبالتالي، لجأت إلى العمل العسكري، لكن الوقائع على الأرض أثبت أن الحسابات الروسية كانت خاطئة بدليل ما يحصل الآن على جبهات القتال..
– ألا تشكل الحملة العسكرية على إدلب تهديداً للتفاهمات الروسية التركية بخصوص إدلب ؟
بالنسبة للتفاهمات الروسية التركية ولدت ميتة، سواءً بمسار آستانا أو ماحصل في سوتشي واتفاقه الأخير، وكل التفاهمات التركية الروسية أوراق وتفاهمات مؤقتة، حتى نظام الأسد ولافروف قالوا أن الاتفاقات مؤقتة ولم يخفوا هذا الكلام.
بالتالي نحن نعتبر، هذه الاتفاقات ولدت ميتة، وليست معدة ان تكون مستدامة وأن تُلحق بالحل النهائي كما تقول تركيا.
اليوم هناك تفاهمات روسية أمريكية ودخلت إسرائيل على الخط، وبالتالي مع عدم تفاهم أمريكا وروسيا على قضايا معينة تخص سوريا، لا اعتقد أن هناك مكان للتفاهمات الروسية التركية، إضافة أن تركيا لها مكان في التفاهمات الأمريكية الروسية، لأن تركيا هي بالنهاية عمقها غربي وجيشها غربي وهي جزء من حلف الناتو، وموسكو وأنقرة وواشنطن يعلمون هذا الامر، وبالتالي، هذه الاتفاقيات ليس مشكلة أن نقضت لأنها بالاساس ليست معدة للاستدامة.
– ما السر وراء الموقف التركي الخجول من الحملة على إدلب ؟
تركيا لديها مشكلة لأنها تعلم أن عمقها غربي لكن توافقاتها مع موسكو، هي تدرك أن موسكو لا تستطيع أن تؤمن لها البديل عن الناتو والغرب، وبنفس الوقت هي لا تستطيع ان تثق بالولايات المتحدة الامريكية، وبالتالي هي حاولت اللعب على الحبال، حاولت الضغط على الطرفين، لاستخلاص أكثر مايمكن، أو أكبر محفزات ممكنة تأخذها من الطرفين لكي تستقر، لكن صفقة الإس-400 وإف-35، كان صداماً جوهرياً ومحورياً، لا يمكن التساهل معه من قبل واشنطن، وبالتالي وجدنا التهديدات والتصعيد الأمريكي بهذا الاتجاه، رغم أن جيمس جيفري قال، هذا لن يخفي ولن يؤثر على توافقاتنا في شرق الفرات، وبالتالي، فأنا اعتقد أن الموقف التركي كان خجولاً لان الاتراك حاولوا امتصاص الصدمة ويلقوا بكل اوراقهم من الجولة الأولى.
بالبداية ثبتوا الجبهات دعموا ثم أتى الدعم الأمريكي ليدعم الموقف التركي بصورايخ التاو، أدخلوا صواريخ التاو واستطاعت تعديل موازين المعركة، لم تقتنع موسكو، ففتحوا الجبهة الجنوبية الشرقية، لسيطرة على تل الجبين وعلى الجملة وعلى مناطق غاية في الأهمية كـَ تل ملح.
اليوم الروس في موقف حرج، وليس فقط لأنهم لم يحققوا إنجازاً خلال 5 أسابيع، سيطروا على منطقة بعرض 9كم، وبعمق 4.5 كم، وهذا لا يعادل 1بالمئة من المناطق المحررة، وعملياً إذا أرادوا أن يحرروا كل المنطقة فأنهم سيحتاجون إلى سنتين إو 3 سنوات، او أكثر، وهذا الكلام مرفوض رفضاً قطعياً، وبالتالي، فإن تركيا أحرجت روسيا دون ان تلقي بأوراقها كاملة، وهذه نقطة قوة تحسب لتركيا، لو أن تركيا دخلت بكل ما تملك من اللحظة الأولى، كان من الممكن ان تتغير الموازين بشكل صحيح، لكن اليوم هي صاحبة رأي صحيح أكبر، وإرادة أكبر، لم تلقي بأوراقها كاملة بوجه روسيا، لكن أفلشت الخطة، فاليوم روسيا محرجة، قطع خط إمداد سقليين محردة، إضطرار روسيا الانسحاب من نقاطها العسكرية، من حيالين وبريديج، وراجمات الصواريخ التي طواقمها روسية. تشتيت قوات النظام والخسائر الكبيرة التي وقعت، والعدد الكبير من الأسرى الذي وقع بيد “الجيش الحر”. فاليوم تركيا أثبتت أنها، دون أن تلقي بأوراقها كاملة، استطاعت إحراج روسيا واستطاعت أن تضعف الموقف الروسي في المنطقة.
– هل إيران أيضاً مشاركة في الحملة على إدلب ؟
أعتقد أن إيران، كفيلق القدس والحرس الثوري كالزينبيون والفاطمييون، ليسوا مشاركين، انما مشاركين عبر ادواتهم في الحزب القومي السوري، ميلشيات الدفاع الوطني المدعومة منه، هؤلاء هم مشاركين، أما القوات الإيرانية وحتى باعتقادي أن حزب الله غير مشاركين بالعمليات في إدلب..
ماذا سيكون مصير المعارضة إذا فقدت السيطرة على إدلب ؟
إنه سؤال افتراضي، ولا يجب أن يجاوب عليه، لأن المعطيات على الأرض تقول أن هناك قرار تركي بعدم تسليم إدلب، وقرار أمريكي بعدم السماح لروسيا والنظام بالسيطرة على إدلب، وهناك قرار المعارضة السورية، والاتحاد الأوروبي يرفض، لأن هذه المنطقة فيها 4 ملايين سوري.
حاوره: عصام عبدالجليل